jeudi 24 novembre 2016

أهم أحداث الثورة الشعبية في تونس 1864




أهم أحداث الثورة الشعبية في تونس 1864

قادَ علي بن محمد بن غذاهم الماجري ثورة أشعلت البلاد التونسية عام 1864. وعلي بن غذاهم هو زعيم ثوري تونسي مثقف وله نصيب من التعليم الزيتوني لقب بـباي 'الشعب' وهو أبوه محمد يحل النزاعات وطبيب مات مسموما من قبل عامل الجهة المسمى العربي البكوش وينحدر من عرش أولاد مساهل من قبيلة ماجر وهي قبيلة أمازيغية الأصل.و كان السبب المباشر في ظاهره هو مضاعفة ضريبة الإعانة من 36 إلى 72 ريالا تونسيا لأن الباي أراد تغطية المصاريف الباهظة الناتجة عن سوء الإدارة من البايات الاستبداديين و السرقة خاصة من قبل الوزير الفاسد مصطفى خزنه دار وفي باطنه هو التواجد الأجنبي المتمثل في المماليك الذين استحوذوا على السلطة الفعلية في البلاد.فكان شعار الثورة الذي رفعته القبائل الثائرة في البلاد: "كفانا مجبى ومماليك ودستور"
يوم 10 مارس 1864 وردت برقية من جان ماتيي العون القنصلي لفرنسا بصفاقس تفيد اتفاق القبائل عن الامتناع في دفع ضريبة الإعانة. وأرسل القنصل أن القبائل في حالة هيجان وسخط على الحكومة حتى أن أولاد بوغانم و الفراشيش أغاروا على أولاد يحي القاطنين بالقطر الجزائري. انطلقت الثورة من جبال الظهري وامتدت للجريد ومنطقة القيروان وانتشرت غرب الكاف وأدركت في شهر أفريل وادي مجردة.
فـفي أقل من شهر كادت أن تعم الثورة كامل البلاد بعد أن شملت أكثر من ثمانين بالمائة منها. وكثرت السفن المحملة بالبارود الأنڨليزي الآتية من مالطة رغم تحجير دخوله من السلطات الرسمية وكان أفراد العروش يشترونه من التجار اليهود. وكثرت أيضا القوافل المحملة بالبارود والرصاص والبنادق من مڨارين وكربيلات. ولاذ عمال الباي بالفرار واستولى الثوار على مطامير قمحهم.
وفي جلاص قاد الثورة شخص من “دار كبيرة” يقال له السبوعي بن محمد السبوعي وفي رياح قادها بن دحر. وفي الغرب قادها شخص يعرف الكتابة و القراءة وهو علي بن غذاهم الماجري و تحصل على مباركة الزاوية التيجانية اللتي كان لها نفوذ كبير في تلك الأيام. وكان يبلغ هذا الشخص 50 عاما في ذلك العهد وتلقى نصيبا من العلم في جامع الزيتونة.
قبيلته ماجر هي أول من أطلق عليه تسمية باي الشعب قبل أن يمتد نفوذه على القبائل المجاورة كـعيّار والفراشيش وونيفة حتى صار الزعيم الأعلى للثوار وهو المفجر الأول للثورة. ولكم مقتطفات من بعض البرقيات من القنصل الفرنسي:
”أما بجهة صفاقس فإن المحلة اللتي يقودها سي سليم قد طوقها الثوار… وعلى الحدود التونسية الطرابلسية دارت معركة بين قبيلتي النوايل وورغمة أسفرت عن سقوط 1300 بين قتيل وجريح… ومازالت قطعان الماشية الخاصة بالباي تتعرض للنهب… ومازال الإيالة في حالة غليان… ولم تسلم الضواحي القريبة من الحاضرة التونسية إذ أغار الثوار على ضيعة لخزنه دار فبددّوا ما بها وهذا ما حصل لقصر أحد الجنرالات على معنى الإنتقام منه لأنه أمر بقمع الثورة الشعبية.”
ورجع أغلب العمال إلى قصر باردو فقد حالفهم الحظ في الإفلات من الموت المحتم باستثناء الجنرال فرحات عامل الكاف وأولاد ونيفة الذي قتل في معركة بين تبرسق و الكاف دارت بينه و بين الثوار في 16 أفريل. وفي 20 أفريل استولى الثوار على القيروان. وأما في منطقة الساحل فقد امتدت الثورة للبوادي والقرى وبدأ سكانها في مناوشة المدن حتى أن سوسة اللتي كان بها 5 آلاف عسكري أصبح بها مائتين لاذوا بالفرار. أما المهدية فسلبت في 25 أفريل لأنها بلا سور. وأمام هذه الحالة فقد استدعى الباي وجماعته 3 آلاف من العسكر النظامي المتقاعد اللذين قال في حقهم براودلي: ”انهم أقدر على زرد الصوف منهم على الوقوف في وجه أهل البادية التونسية البواسل. وللحد من روع البلاد أصدر الباي منشورا يجري العمل به مؤقتا في 21 أفريل يقتضي بإلغاء ضريبة المجبى ويوقف العمل بما جاء به عهد الأمان. فيما أرسل الفرنسيون والأنڨليز والإيطاليون سفنا حربية لسواحل الإيالة التونسية لإنقاذ وحراسة الأوربيين. ولاذ بالفرار عدد كبير من الأوربيين معهم عدد آخر من الأتراك من الموظفين محملين بأموال كثيرة مسروقة من الايالة نذكر منهم القائد نسيم وهو القابض العام للحكومة التونسية بعد أن سرق 20 مليون ريال.
وفي شهر ماي أصاب الثورة شيء من الركود ولكن كثر التعصب الديني والكراهية للأجانب والمسيحيين وحتى ضد الأتراك رغم أنهم مسلمون. وفي المدن الساحلية تحركت جموع من الغاضبين نحو الأحياء المسيحية فأمعنوا في سلبها ورفضوا سلطة الباي عليهم في خوف منهم لنزول الجيوش الأوربية. فـنـُهـِبت صفاقس في 30 أفريل وهرب الأوربيون الى سفنهم ورفع الثوار فيها علمهم الأخضر ونادوا بسقوط الباي ونظامه وأهانوا مبعوثه وهددوه بالقتل.
كما أملى البعض من الثوار على أنفسهم جملة من التدابير لإنهاء الثورة وهي إعلان العفو العام والشامل لكل من شارك في العصيان وخفض أداء العشر لنصف مقداره وتسمية عمال من أبناء البلد عوض المماليك أي العبيد اللذين يؤتى بهم من أوربا الشرقية بعد تعليمهم وادخالهم في صلب جهاز الادارة. وإبطال العمل بالدستور وإلغاء المحاكم اللتي انتصبت سنة 1861 إلغاءا نهائيا.
وفي هذه الفترة كان الباي يحضر لتشكيل جيش. لكن المجندين القدم رفضوا الإنظمام لقاء الأجر الزهيد أما المجندون الجدد فكانوا يلوذون بالفرار مدججين بأسلحة الباي فلم يكن تحصيل شيء خاصة من منطقة الساحل اللتي كانت تساهم بالعدد الأوفر من الحصة العسكرية. والألوية الثالثة والرابعة فرت عن بكرة أبيها حسبما قال الكميدان ريتشي لم يبقى للباي سوى ألفي جندي.
وفي أواخر جوان استطاع الباي تجميع أربعة ألاف جندي من العسكر غير النظامي يقودهم صهر الباي الجنرال اسماعيل السنّسي إلا أن هذه المحلّة ذهبت كأمس الدابر جراء الفرار. وأكد دوبوفال في رسالة موجهة إلى دوروين دولوي في 23 جويلية 1864 أن المحلة لم تستطع اجتياز 13 ميلا غرب الحاضرة تونس فانخفض عددها من 4000 إلى 2000 فلم تعد تشكل تهديدا لأحد. بيد أن السنسي صار ببطء إلى ان وصل الى باجة في أواخر جويلية لكن بعد أن عانى الأمريـْن من الثوار اللذين نهبوا قوافل هذه المحلة. غير أن بن غذاهم الذي أحس بأفول نجمه رفض الآمان الذي عرض عليه.
ففي 26 جويلية 1864 حضر عدد من المشائخ والأعيان لتقديم فروض الطاعة بإسم 14 عرشا من عروش الشمال الغربي مشترطين فقط خفض المجبى لعشرة ريالات وحط النصف من أداء العشر.وقد بادر إلياس مصلي بـإعلان دوبوفال قنصل فرنسا يوم 28 جويلية 1864 أن أربعة عشر عرشا جنحت للسلام وأن بن غذاهم انقلب إلى أهله في ماجر. بيد أن القنصل لم يشأ أن يصدق الأنباء وأخبر دوروين دولوي أن الثورة مازالت في عنفوانها وأن صفوفهم التحمت وبن غذاهم اللتي اتهمته حكومة الباي ببيع ذمته ما زال على رأس الثوار والدليل هو اهتمامه بعقد اجتماع في القيروان مع ثلة من قادة العروش. إلا أن سفيرا أنڨلترا وإيطاليا أعلنا انتهاء الثورة.
لكن خزنه دار لم يهنأ له بال إلا إذا أدب الثوار فتوجه نحو الساحل لجمع محلة إلا أن العسكر القدامى تجمعوا في الحاضرة معلنين غضبهم فرجع خزنه دار لتونس فجمع منها ومن ضواحيها جماعة من الرعاع وأسماهم عسكر زواوة. وكان سكان العاصمة يتوقعون من كل شر ويخافون من سلوكهم العنيف. وكانت المحلة تتكون من 2600 رجل تساندها ثمانية مدافع تحت قيادة الجنرال أحمد زروق الذي هو صنيعة خزنه دار. فأخذت بالسير ببطء منذ أوائل سبتمبر نحو سوسة حتى أنها قضت قرابة الشهر لتسلك المسافة بين حمام الأنف وهرڨلة رغم أنها لا تزيد عن التسعين ميلا. ولم تواجه قتالا طوال هذه المدة.
بيد أن قدوم المحلة زاد الطين بلة فـانظم أهالي القرى الى الثوار ومن جملتهم المساكنية اللذين هجموا على سوسة فأطلق عليهم النار وقذائف المدافع. وكان الثوار يسدون الحنايا اللتي تأتي لسوسة بالماء ويضربون السور كل ليلة ومن حين لآخر تطلق عليهم قذيفة مدفعية تبدد جموعهم. ولم يمنع الحصار خروج السكان لقضاء مآربهم و دام الحال 15 يوما فملّ الجانبان من هذه الحرب الضيقة فـتوحد أهالي القرى الكائنة بمنطقة الساحل وتركوا الشجارات خلفهم إثر شعورهم بقرب قدوم المحلة.واستنجدت هذه الأخيرة بالمثاليث للتنكيل بأهل القلعة الكبرى اللذين أبوا الانضمام للثورة.
وليحمي الجنرال زروق القلعة الكبرى خرج من هرڨلة يوم 5 أكتوبر فما لبث أسبوعا حتى تصادم مع جماعة من القلعة الصغرى فهزمهم دون عناء و لحق بهم إلى قريتهم فأمسكهم وأباح نهب القرية بعد أن افتكها عنوة. ومع أن شـِقّ العـُصاة المناصر لتلك القرية يعد 5000 مقاتل ولديه بعض قطع المدفعية إلى أن الجنرال زروق لم يشأ في النزال. وذلك لأن المساكنية أسرعوا إلى قريتهم لحمايتهم مبجلينها على حلفائهم. ومن الغد أقبل الجميع وحدانا وزرافات طالبين للأمان واقتدت بهم عدة قرى. وأمكن للجنرال زروق دخول سوسة دخول الفاتحين الغزاة يجر ورائه أسراه مكبلين بالسلاسل و الأغلال وجاب كامل المنطقة فنزع السلاح بالقوة وتجبر على العزل ونفذ جرائمه المشهورة في الساحل.
وبعد سقوط منطقة الساحل فلقد بدأ الباي بحملة الزجر لإرجاع الأمور إلى نصابها فظلت هذه الحملة مدة فصل الخريف وجانبا من الشتاء بين 1864-1865. فبعث الباي محلة بها 4000 آلاف جندي وذلك لأن علي بن غذاهم أراد إشعال الثورة من جديد فجمع عددا كبيرا من انصاره من عدة عروش يناهز عددهم 4000 مقاتل وهاجموا عرش جلاص اللذي استنجد بالباي. ورغم إعلان العفو عن الثوار إلاّ أن بن دحر وهو قائد رياح سلمه أحد شيوخ الزوايا فضربه حرس الباي بعصا ألف مرة، ونساء القصر تنظرن إليه من الشرفات و تظهرن الشماتة له ومن ثم ألقي في السجن شبه حي.
وفي أوائل جانفي دارت معركة قرب تبسة بين أنصار علي بن غذاهم وقوات محلتيـْن اندمجتا ببعضهما منظمة اليهم قبيلة جلاص اللتي تريد الأخذ بثأرها. لكن الثوار دخلوا إلى التراب الجزائري آمنين؛ وأما قوات الباي فمنعتها القوات الفرنسية من الدخول .
وبإذن من الجنرال د يماك ماهون فرضت الإقامة على بن غذاهم وأخيه عبد النبي مع عائلتهما أولا بقسنطينة ثم في قبيلة أولاد عبد النور اللتي لبثوا فيها حتى 1866. فيما كان قائد المحلة المسمى الجنرال رستم ينفذ عملياته العسكرية في غرب البلاد و يحكم بالإعدام على العصاة ويصادر المكاسب ويجمع الأموال. فقد أذاق الجنرال زروق سكان الساحل ألوانا من العذاب لازال يذكرها سكان المنطقة إلى يومنا هذا منها الضرب المبرح بالعصي والإعدام والتقييد بالسلاسل والأغلال. وفرض هذا الجنرال غرامات فادحة لا تفرضها حكومة على رعاياها بل يفرضها الغالب على المغلوب في الحرب. جنى موظفو الدولة من جهة الساحل 5 ملايين ريال وضعوها في جيوبهم و 23 مليون ريال لخزينة الدولة. فطهّر الجنرال زروق المنطقة فأقفرت وجفت مواردها فمن أسرف في الحلب حلب الدماء. وفي شهر أفريل سنة 1865 بعث 300 من الشيوخ والأعيان وفي رقابهم السلاسل وعذبوا في القصر كالعادة أمام النساء.
ولكن في جويلية من 1865 استأنفت الاشتباكات بحدة أكبر من ذي قبل وانطلقت على الحدود التونسية الجزائرية. ولكن الحكومة التونسية لم تتخذ أي إجراء واتهم كاهية الكاف سي صالح بن محمد فرنسا بإثارة الشغب. كانت حكومة الباي وقتها تمقت فرنسا وبدأت معها في سياسة الوخز فأطلقت يد العصاة على الجالية الفرنسية ولم تعوض الفرنسيين عن الأذى الحاصل لهم في محاولة يائسة للحد من النفوذ الفرنسي وتقليص تدويل الأزمة التونسية. ولكن بعد إرسال التهديدات للباي باحتلال الإيالة تراجع هذا الأخير ودفع 400 ألف فرنك لتعويض الفرنسيين في الثورة فـسلـّمت بذلك الحكومة الفرنسية علي بن غذاهم بعد أن قبضت عليه وهو متحصن في الجزائر ويمهد للعودة مجددا وكان ذلك في فيفري من سنة 1866 ومات تحت التعذيب والتنكيل بسجن حلق الوادي في 10 أكتوبر سنة 1867 فكانت النتيجة تمكن قوات حكم البايات و بمساعدة من الأوروبيين من إخماد ثورة تونس سنة 1866 بعد القبض على قائدها الثوري علي بن غذاهم

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire