jeudi 24 novembre 2016

تونس أمازيغية


تونس ماهيش لبنان وماهيش قطر ومن لم يرد صعود الجبال يقعد لآخر الدهر بين الحفر
الملاحظ في تونس في السنوات الاخير هو لبننة تونس وقطرنتها كيف ؟ تونس والشعب التونسي وتاريخنا لا هو كمشة تجار سارحين في البحر ولا هو كمشة بدو سارحين بالابل ، مشروع جعل تونس دولة لايت كيما لبنان اربعة ملاين لداخل واربعة ملاين لبرة راس مالهم السياحة والفن والغناء وعروض الازياء والطبخ والماكياج وغيرها ولاهي كيما قطر زوز ملاين راس مالهم خدمات النقل الجوي والفندقة والتسوق واقامة الحفلات والمقابلات الودية العالمية وتنظيم التظاهرات الرياضية تنس وسباق سيارات بالبترودولار، من هذا المنطلق يتم تشليك القطاعات الرئيسية والثقيلة والتي تعتبر عمود فقري لكل دولة في مرحلة البناء الفلاحة والصناعة والبحث العلمي والانتاج المحلي والاستثمار في المعرفة والفكر ، الانسان التونسي من بكري مستقر ومن هذا المنطلق نظرتو للدنيا وللبناء مختلفة عن غيرو ، تونس دولة استقرار موش دولة عبور ، وبالتالي ليوم موش مسموح ما نكونوش ضمن الدول الصاعدة في العالم ، نجمو نحققوا اكتفائنا الذاتي في الغذاء ونتوجهوا للتصدير موش معقول أبسط مثال الجلبانة واللوبيا الخضرا نستوردوا فيها وغيرها من المنتوجات ، نجموا نمشوا خطوة كبيرة في الصناعة ، صناعات غذائية ، تحويلية وشبه ثقيلة ونتوجهوا بيها للتصدير كذلك ، نعطوا قيمة كبيرة للبحث العلمي والانتاج الفكري في السياسة والتخطيط والادب والثقافة والسينما والفنون وبناء شخصية تونسية صلبة موش مهزوزة ومستلبة ومايعة كيما توا ، هذا يكون بالالتفات والتوجه والتنسيق مع شقيقتنا ليبيا ودزاير والمغرب وتقسيم الادوار وتوسيع السوق الاستهلاكية مع بعضنا هذم الي ينفعونا لا خليج ولا تركيا ولا غيرهم ، سيبونا من لغة وشعار تلاقح حضارات وسياحة وبلد التسامح والفرح الدائم والسياحة وسنحاربهم بعروض الازياء والدربوكة والتسول والهبات والقروض الغربية والرهنية والصيرفة الاسلامية وقلوب الرمان متع أردوغان وتعاطف الفرنسيس والامريكان والشعب التونسي جيعان ...

صراع الهوية والانتماء في تونس


اجابة لمن يميع في القضية التونسية ويحاول الهروب الى الامام ويشتكي من أن تونس والتوانسة يضيعون وقتهم في مواضيع هامشية وجانبية متعلقة بالهوية والانتماء عوض التطرق الى مواضيع الاقتصاد والتنمية.
الكثير لا يعرف أن الصراع الذي يدور في تونس هو صراع هوية وانتماء وولاء ، بمعنى تونس لمن تتبع وهذا الصراع تقوده دول لها أطراف محلية عميلة تنفذ مشروعها في تونس ، مشروع تونس العربية التي هي جزء من الوطن العربي المزعوم وهؤلاء تدعمهم مصر والامارات والاردن والسعودية وفرنسا وقطر وتركيا وبريطانيا وامريكا ...
كل هذه الأطراف العميلة لا تؤمن بتونس كدولة مستقلة حرة ذات سيادة بل تعتبرها جزء من اوطان اخرى وكيانات خيالية أخرى كـ (الوطن العربي) و (الخلافة الاسلامية) و (العالم العربي) و (العالم الاسلامي) ولا مستعمرة غربية وبرز هذا الصراع في اعداد الدستور التونسي حيث أصروا على ان تكون تونس جزء من الوطن العربي بينما التونسيين الوطنيين الأحرار عارضوا وقاطعوا هذا الدستور ومازالوا على موقفهم الوطني التونسي الثابت...لان هذا الدستور والتوجه له عواقب وخيمة على الشعب التونسي من حيث بناء الاقتصاد والثقافة والاعلام والتربية والتعليم والامن القومي التونسي بصفة عامة وغيره...فعندما تكون تونس جزء من كيانات اخرى في الدستور فهذا يسمح للدول الاخرى في التدخل في تونس وسيادتها على ترابها الوطني وعلى ثرواتها وفي قرارها وهذا ما يقع للأسف...
إن العميل والمرتزق دائما يوضع لخدمة مصالح دول أخرى وليس لخدمة وطنه وشعبه وعزتهم وكرامتهم مهما رفع من شعارات رنانة يظل العميل عميلاً لا رجاء منه.
اما التونسيون الوطنيون فيطرحون مشروع مغاير معارض لهذان المشروعان وهو مشروع الهوية الأمازيغية التونسية الجامعة لكل التوانسة المستمدة من الأرض التي سقاها الأجداد بدمائهم الزكية ،تونس لا عربية لا إسلامية بل تونس الأصلية والحقيقية للجميع وتحترم الإسلام وكل الثقافات الوافدة ومنفتحة على اللغات الأخرى وتعتز بهويتها الأمازيغية التونسية المتجذرة والمتأصلة عبر التاريخ وتعتز بالانتماء للوطن التونسي ، أي أن تونس هويتها تونسية فقط وليست تابعة أو جزء من احد انما هي دولة كاملة السيادة والاستقلالية ولكن هذا المشروع الوطني المحلي النابع منا وليس له لا مرجعيات فكرية مستوردة ولا رموز غير تونسية غير مدعوم خارجياً لأنه لا يخدم مصلحة أي دولة أجنبية كانت انما يخدم مصلحة التوانسة وتونس فقط.

أهم أحداث الثورة الشعبية في تونس 1864




أهم أحداث الثورة الشعبية في تونس 1864

قادَ علي بن محمد بن غذاهم الماجري ثورة أشعلت البلاد التونسية عام 1864. وعلي بن غذاهم هو زعيم ثوري تونسي مثقف وله نصيب من التعليم الزيتوني لقب بـباي 'الشعب' وهو أبوه محمد يحل النزاعات وطبيب مات مسموما من قبل عامل الجهة المسمى العربي البكوش وينحدر من عرش أولاد مساهل من قبيلة ماجر وهي قبيلة أمازيغية الأصل.و كان السبب المباشر في ظاهره هو مضاعفة ضريبة الإعانة من 36 إلى 72 ريالا تونسيا لأن الباي أراد تغطية المصاريف الباهظة الناتجة عن سوء الإدارة من البايات الاستبداديين و السرقة خاصة من قبل الوزير الفاسد مصطفى خزنه دار وفي باطنه هو التواجد الأجنبي المتمثل في المماليك الذين استحوذوا على السلطة الفعلية في البلاد.فكان شعار الثورة الذي رفعته القبائل الثائرة في البلاد: "كفانا مجبى ومماليك ودستور"
يوم 10 مارس 1864 وردت برقية من جان ماتيي العون القنصلي لفرنسا بصفاقس تفيد اتفاق القبائل عن الامتناع في دفع ضريبة الإعانة. وأرسل القنصل أن القبائل في حالة هيجان وسخط على الحكومة حتى أن أولاد بوغانم و الفراشيش أغاروا على أولاد يحي القاطنين بالقطر الجزائري. انطلقت الثورة من جبال الظهري وامتدت للجريد ومنطقة القيروان وانتشرت غرب الكاف وأدركت في شهر أفريل وادي مجردة.
فـفي أقل من شهر كادت أن تعم الثورة كامل البلاد بعد أن شملت أكثر من ثمانين بالمائة منها. وكثرت السفن المحملة بالبارود الأنڨليزي الآتية من مالطة رغم تحجير دخوله من السلطات الرسمية وكان أفراد العروش يشترونه من التجار اليهود. وكثرت أيضا القوافل المحملة بالبارود والرصاص والبنادق من مڨارين وكربيلات. ولاذ عمال الباي بالفرار واستولى الثوار على مطامير قمحهم.
وفي جلاص قاد الثورة شخص من “دار كبيرة” يقال له السبوعي بن محمد السبوعي وفي رياح قادها بن دحر. وفي الغرب قادها شخص يعرف الكتابة و القراءة وهو علي بن غذاهم الماجري و تحصل على مباركة الزاوية التيجانية اللتي كان لها نفوذ كبير في تلك الأيام. وكان يبلغ هذا الشخص 50 عاما في ذلك العهد وتلقى نصيبا من العلم في جامع الزيتونة.
قبيلته ماجر هي أول من أطلق عليه تسمية باي الشعب قبل أن يمتد نفوذه على القبائل المجاورة كـعيّار والفراشيش وونيفة حتى صار الزعيم الأعلى للثوار وهو المفجر الأول للثورة. ولكم مقتطفات من بعض البرقيات من القنصل الفرنسي:
”أما بجهة صفاقس فإن المحلة اللتي يقودها سي سليم قد طوقها الثوار… وعلى الحدود التونسية الطرابلسية دارت معركة بين قبيلتي النوايل وورغمة أسفرت عن سقوط 1300 بين قتيل وجريح… ومازالت قطعان الماشية الخاصة بالباي تتعرض للنهب… ومازال الإيالة في حالة غليان… ولم تسلم الضواحي القريبة من الحاضرة التونسية إذ أغار الثوار على ضيعة لخزنه دار فبددّوا ما بها وهذا ما حصل لقصر أحد الجنرالات على معنى الإنتقام منه لأنه أمر بقمع الثورة الشعبية.”
ورجع أغلب العمال إلى قصر باردو فقد حالفهم الحظ في الإفلات من الموت المحتم باستثناء الجنرال فرحات عامل الكاف وأولاد ونيفة الذي قتل في معركة بين تبرسق و الكاف دارت بينه و بين الثوار في 16 أفريل. وفي 20 أفريل استولى الثوار على القيروان. وأما في منطقة الساحل فقد امتدت الثورة للبوادي والقرى وبدأ سكانها في مناوشة المدن حتى أن سوسة اللتي كان بها 5 آلاف عسكري أصبح بها مائتين لاذوا بالفرار. أما المهدية فسلبت في 25 أفريل لأنها بلا سور. وأمام هذه الحالة فقد استدعى الباي وجماعته 3 آلاف من العسكر النظامي المتقاعد اللذين قال في حقهم براودلي: ”انهم أقدر على زرد الصوف منهم على الوقوف في وجه أهل البادية التونسية البواسل. وللحد من روع البلاد أصدر الباي منشورا يجري العمل به مؤقتا في 21 أفريل يقتضي بإلغاء ضريبة المجبى ويوقف العمل بما جاء به عهد الأمان. فيما أرسل الفرنسيون والأنڨليز والإيطاليون سفنا حربية لسواحل الإيالة التونسية لإنقاذ وحراسة الأوربيين. ولاذ بالفرار عدد كبير من الأوربيين معهم عدد آخر من الأتراك من الموظفين محملين بأموال كثيرة مسروقة من الايالة نذكر منهم القائد نسيم وهو القابض العام للحكومة التونسية بعد أن سرق 20 مليون ريال.
وفي شهر ماي أصاب الثورة شيء من الركود ولكن كثر التعصب الديني والكراهية للأجانب والمسيحيين وحتى ضد الأتراك رغم أنهم مسلمون. وفي المدن الساحلية تحركت جموع من الغاضبين نحو الأحياء المسيحية فأمعنوا في سلبها ورفضوا سلطة الباي عليهم في خوف منهم لنزول الجيوش الأوربية. فـنـُهـِبت صفاقس في 30 أفريل وهرب الأوربيون الى سفنهم ورفع الثوار فيها علمهم الأخضر ونادوا بسقوط الباي ونظامه وأهانوا مبعوثه وهددوه بالقتل.
كما أملى البعض من الثوار على أنفسهم جملة من التدابير لإنهاء الثورة وهي إعلان العفو العام والشامل لكل من شارك في العصيان وخفض أداء العشر لنصف مقداره وتسمية عمال من أبناء البلد عوض المماليك أي العبيد اللذين يؤتى بهم من أوربا الشرقية بعد تعليمهم وادخالهم في صلب جهاز الادارة. وإبطال العمل بالدستور وإلغاء المحاكم اللتي انتصبت سنة 1861 إلغاءا نهائيا.
وفي هذه الفترة كان الباي يحضر لتشكيل جيش. لكن المجندين القدم رفضوا الإنظمام لقاء الأجر الزهيد أما المجندون الجدد فكانوا يلوذون بالفرار مدججين بأسلحة الباي فلم يكن تحصيل شيء خاصة من منطقة الساحل اللتي كانت تساهم بالعدد الأوفر من الحصة العسكرية. والألوية الثالثة والرابعة فرت عن بكرة أبيها حسبما قال الكميدان ريتشي لم يبقى للباي سوى ألفي جندي.
وفي أواخر جوان استطاع الباي تجميع أربعة ألاف جندي من العسكر غير النظامي يقودهم صهر الباي الجنرال اسماعيل السنّسي إلا أن هذه المحلّة ذهبت كأمس الدابر جراء الفرار. وأكد دوبوفال في رسالة موجهة إلى دوروين دولوي في 23 جويلية 1864 أن المحلة لم تستطع اجتياز 13 ميلا غرب الحاضرة تونس فانخفض عددها من 4000 إلى 2000 فلم تعد تشكل تهديدا لأحد. بيد أن السنسي صار ببطء إلى ان وصل الى باجة في أواخر جويلية لكن بعد أن عانى الأمريـْن من الثوار اللذين نهبوا قوافل هذه المحلة. غير أن بن غذاهم الذي أحس بأفول نجمه رفض الآمان الذي عرض عليه.
ففي 26 جويلية 1864 حضر عدد من المشائخ والأعيان لتقديم فروض الطاعة بإسم 14 عرشا من عروش الشمال الغربي مشترطين فقط خفض المجبى لعشرة ريالات وحط النصف من أداء العشر.وقد بادر إلياس مصلي بـإعلان دوبوفال قنصل فرنسا يوم 28 جويلية 1864 أن أربعة عشر عرشا جنحت للسلام وأن بن غذاهم انقلب إلى أهله في ماجر. بيد أن القنصل لم يشأ أن يصدق الأنباء وأخبر دوروين دولوي أن الثورة مازالت في عنفوانها وأن صفوفهم التحمت وبن غذاهم اللتي اتهمته حكومة الباي ببيع ذمته ما زال على رأس الثوار والدليل هو اهتمامه بعقد اجتماع في القيروان مع ثلة من قادة العروش. إلا أن سفيرا أنڨلترا وإيطاليا أعلنا انتهاء الثورة.
لكن خزنه دار لم يهنأ له بال إلا إذا أدب الثوار فتوجه نحو الساحل لجمع محلة إلا أن العسكر القدامى تجمعوا في الحاضرة معلنين غضبهم فرجع خزنه دار لتونس فجمع منها ومن ضواحيها جماعة من الرعاع وأسماهم عسكر زواوة. وكان سكان العاصمة يتوقعون من كل شر ويخافون من سلوكهم العنيف. وكانت المحلة تتكون من 2600 رجل تساندها ثمانية مدافع تحت قيادة الجنرال أحمد زروق الذي هو صنيعة خزنه دار. فأخذت بالسير ببطء منذ أوائل سبتمبر نحو سوسة حتى أنها قضت قرابة الشهر لتسلك المسافة بين حمام الأنف وهرڨلة رغم أنها لا تزيد عن التسعين ميلا. ولم تواجه قتالا طوال هذه المدة.
بيد أن قدوم المحلة زاد الطين بلة فـانظم أهالي القرى الى الثوار ومن جملتهم المساكنية اللذين هجموا على سوسة فأطلق عليهم النار وقذائف المدافع. وكان الثوار يسدون الحنايا اللتي تأتي لسوسة بالماء ويضربون السور كل ليلة ومن حين لآخر تطلق عليهم قذيفة مدفعية تبدد جموعهم. ولم يمنع الحصار خروج السكان لقضاء مآربهم و دام الحال 15 يوما فملّ الجانبان من هذه الحرب الضيقة فـتوحد أهالي القرى الكائنة بمنطقة الساحل وتركوا الشجارات خلفهم إثر شعورهم بقرب قدوم المحلة.واستنجدت هذه الأخيرة بالمثاليث للتنكيل بأهل القلعة الكبرى اللذين أبوا الانضمام للثورة.
وليحمي الجنرال زروق القلعة الكبرى خرج من هرڨلة يوم 5 أكتوبر فما لبث أسبوعا حتى تصادم مع جماعة من القلعة الصغرى فهزمهم دون عناء و لحق بهم إلى قريتهم فأمسكهم وأباح نهب القرية بعد أن افتكها عنوة. ومع أن شـِقّ العـُصاة المناصر لتلك القرية يعد 5000 مقاتل ولديه بعض قطع المدفعية إلى أن الجنرال زروق لم يشأ في النزال. وذلك لأن المساكنية أسرعوا إلى قريتهم لحمايتهم مبجلينها على حلفائهم. ومن الغد أقبل الجميع وحدانا وزرافات طالبين للأمان واقتدت بهم عدة قرى. وأمكن للجنرال زروق دخول سوسة دخول الفاتحين الغزاة يجر ورائه أسراه مكبلين بالسلاسل و الأغلال وجاب كامل المنطقة فنزع السلاح بالقوة وتجبر على العزل ونفذ جرائمه المشهورة في الساحل.
وبعد سقوط منطقة الساحل فلقد بدأ الباي بحملة الزجر لإرجاع الأمور إلى نصابها فظلت هذه الحملة مدة فصل الخريف وجانبا من الشتاء بين 1864-1865. فبعث الباي محلة بها 4000 آلاف جندي وذلك لأن علي بن غذاهم أراد إشعال الثورة من جديد فجمع عددا كبيرا من انصاره من عدة عروش يناهز عددهم 4000 مقاتل وهاجموا عرش جلاص اللذي استنجد بالباي. ورغم إعلان العفو عن الثوار إلاّ أن بن دحر وهو قائد رياح سلمه أحد شيوخ الزوايا فضربه حرس الباي بعصا ألف مرة، ونساء القصر تنظرن إليه من الشرفات و تظهرن الشماتة له ومن ثم ألقي في السجن شبه حي.
وفي أوائل جانفي دارت معركة قرب تبسة بين أنصار علي بن غذاهم وقوات محلتيـْن اندمجتا ببعضهما منظمة اليهم قبيلة جلاص اللتي تريد الأخذ بثأرها. لكن الثوار دخلوا إلى التراب الجزائري آمنين؛ وأما قوات الباي فمنعتها القوات الفرنسية من الدخول .
وبإذن من الجنرال د يماك ماهون فرضت الإقامة على بن غذاهم وأخيه عبد النبي مع عائلتهما أولا بقسنطينة ثم في قبيلة أولاد عبد النور اللتي لبثوا فيها حتى 1866. فيما كان قائد المحلة المسمى الجنرال رستم ينفذ عملياته العسكرية في غرب البلاد و يحكم بالإعدام على العصاة ويصادر المكاسب ويجمع الأموال. فقد أذاق الجنرال زروق سكان الساحل ألوانا من العذاب لازال يذكرها سكان المنطقة إلى يومنا هذا منها الضرب المبرح بالعصي والإعدام والتقييد بالسلاسل والأغلال. وفرض هذا الجنرال غرامات فادحة لا تفرضها حكومة على رعاياها بل يفرضها الغالب على المغلوب في الحرب. جنى موظفو الدولة من جهة الساحل 5 ملايين ريال وضعوها في جيوبهم و 23 مليون ريال لخزينة الدولة. فطهّر الجنرال زروق المنطقة فأقفرت وجفت مواردها فمن أسرف في الحلب حلب الدماء. وفي شهر أفريل سنة 1865 بعث 300 من الشيوخ والأعيان وفي رقابهم السلاسل وعذبوا في القصر كالعادة أمام النساء.
ولكن في جويلية من 1865 استأنفت الاشتباكات بحدة أكبر من ذي قبل وانطلقت على الحدود التونسية الجزائرية. ولكن الحكومة التونسية لم تتخذ أي إجراء واتهم كاهية الكاف سي صالح بن محمد فرنسا بإثارة الشغب. كانت حكومة الباي وقتها تمقت فرنسا وبدأت معها في سياسة الوخز فأطلقت يد العصاة على الجالية الفرنسية ولم تعوض الفرنسيين عن الأذى الحاصل لهم في محاولة يائسة للحد من النفوذ الفرنسي وتقليص تدويل الأزمة التونسية. ولكن بعد إرسال التهديدات للباي باحتلال الإيالة تراجع هذا الأخير ودفع 400 ألف فرنك لتعويض الفرنسيين في الثورة فـسلـّمت بذلك الحكومة الفرنسية علي بن غذاهم بعد أن قبضت عليه وهو متحصن في الجزائر ويمهد للعودة مجددا وكان ذلك في فيفري من سنة 1866 ومات تحت التعذيب والتنكيل بسجن حلق الوادي في 10 أكتوبر سنة 1867 فكانت النتيجة تمكن قوات حكم البايات و بمساعدة من الأوروبيين من إخماد ثورة تونس سنة 1866 بعد القبض على قائدها الثوري علي بن غذاهم

الإقصاء السياسي للأمازيغية


فما معنى الإقصاء السياسي للأمازيغية ؟
معناه أن السلطة السياسية للدول المغاربية الشمال افريقية تمارس السلطة ، ليس باسم الانتماء الأمازيغي، أي انتماء هذه الدول إلى موطنها بشمال إفريقيا، بل تمارس باسم الانتماء “العربي”، على اعتبار أن هذه الدول ، ومنذ هذا التاريخ، دول “عربية”. وهو ما يعني إقصاءً سياسيا ـ وقبل أن يكون إقصاء لغويا وثقافيا وهوياتيا ـ للأمازيغية التي لم يعد لها وجود سياسي، لأنها لا تملك سلطة سياسية بعد أن أصبحت هذه الأخيرة تمارس ـ كما قلت ـ باسم العروبة العرقية المتسلحة بالمقدس الديني وليس باسم الأمازيغية الإفريقية. فإذا كان للأمازيغيين، اليوم، وجود لغوي وثقافي وهوياتي وتاريخي، إلا أنهم لا يملكون وجودا سياسيا لأنهم لا يملكون دولة منذ أن أصبحت دول شمال افريقيا ، دولا “عربية”، أي دول العرب، بالمعنى العرقي، وليس الجغرافي والترابي. والنتيجة أنه إذا كانت الأمازيغية ـ والأمازيغيون طبعا ـ قد حصلت اليوم على اعتراف لغوي وثقافي وهوياتي وتاريخي، إلا أنها لا زالت تعيش، ومنذ بدايات القرن الماضي ، الإقصاء السياسي، الذي هو مصدر وأصل كل الإقصاءات الفرعية الأخرى، كالإقصاء اللغوي والثقافي والهوياتي والتاريخي كما سبقت الإشارة.
هذا هو المضمون السياسي الحقيقي للقضية الأمازيغية.
فإذا كانت الحركة الأمازيغية لا تكلّ من ترديد أن الأمازيغية قضية سياسية، إلا أنها تحصر هذا المضمون السياسي في ضرورة القرار السياسي الذي على الدول “العربية” اتخاذه لصالح الأمازيغية. وهذا اعتراف وتسليم بالإقصاء السياسي للأمازيغية من الامازيغيين نفسهم التي تحتاج إلى قرار سياسي “عربي”، أي أجنبي عنها، في الوقت الذي كان ينبغي أن تكون هي صاحبة هذا القرار السياسي، باعتبار بلدان شمال افريقيا بلدان أمازيغية إفريقية يجب أن تتخذ فيه القرارات السياسية باسم هذا الانتماء الأمازيغي الإفريقي. فكل القرارات السياسية التي تصدرها الدول “العربية” لفائدة الأمازيغية، هي إذن تأكيد وتأييد للإقصاء السياسي لهذه الأخيرة.
ولهذا فإن الاعتراف الرسمي بالأمازيغية، كلغة وكثقافة وكهوية وكتاريخ، لن يضع حدا لحالة الإقصاء السياسي للامازيغية، مع الإقرار أن هذا الاعتراف مفيد للأمازيغية كـ”سياسة بربرية” جديدة، تهدف ليس إلى رفع الإقصاء السياسي عنها، بل إلى جعلها تتقبل هذا الإقصاء وتتعايش معه، على غرار “السياسة البربرية” القديمة لفرنسا، والتي كانت تهدف ليس إلى جعل الأمازيغية هوية للدولة، بل إلى إدماج الأمازيغيين والأمازيغية في الدولة “العربية” الجديدة التي خلقتها فرنسا. وما جعل هذه “السياسة البربرية” الجديدة حلا مناسبا للقضية الأمازيغية تبنته وطبّقته الدولة، هو أن مطالب الحركة الأمازيغية، في شكلها الحالي، وخصوصا المتعلقة منها باللغة والثقافة والهوية، هي مطالب عادة ما ترفعها الأقليات الإثنية عندما تطالب، من سلطات البلد الذي تعيش فيه، الاعتراف بحقوقها اللغوية والثقافية والهوياتية. وهذا ما يفسر أن الدول “العربية” بشمال افريقيا بدأت تستجيب للمطالب الأمازيغية، التي تخص اللغة والثقافة والهوية، لأنها لا تمس بالثوابت العروبية لهذه الدول “العربية” بشمال افريقيا، ما دام أنها لا تطالب بتمزيغ هذه الدول لتكون دولا أمازيغية بثوابت هوياتية أمازيغية، تمارس فيها السلطة السياسية باسم الانتماء إلى الأرض الأمازيغية الإفريقية.
كل هذا يطرح مسألة الأولويات في مطالب الحركة الأمازيغية، التي لم تحدد، إلى الآن، ما هو المطلب الأول والأساسي الذي يجب أن يسبق المطالب الأخرى. فهي عندما كانت تطالب بدسترة الأمازيغية، لم تدرك أن الاعتراف ـ وهذا ما هو حاصل بعد الترسيم الدستوري للغة والهوية الأمازيغيتين ـ باللغة والهوية الأمازيغيتين في الدستور، لن يغيّر شيئا من وضع الإقصاء السياسي للأمازيغية، ما دام أن هذا الاعتراف يجري في إطار دول “عربية”. وهو ما يترتب عنه استمرار الإقصاء السياسي للأمازيغية التي تبقى دائما موضوعا لقرار سياسي “عربي” بدل أن تكون هي صاحبة هذا القرار السياسي، لو كانت السلطة السياسية تمارس باسم الانتماء الأمازيغي الإفريقي على اعتبار أن دول شمال افريقيا دول أمازيغية، بالمفهوم الترابي الهوياتي.
فكما نلاحظ، لن يؤدي إذن تحقيق هذه المطالب الأمازيغية، على فرض الاستجابة الكاملة لها، إلى إنهاء الإقصاء السياسي للأمازيغية، والذي هو مصدر وأصل ما ظلت تعاني منه من تهميش وتحقير وعداء. هذا المأزق الذي تؤدي إليه مطالب الحركة الأمازيغية، في شكلها الحالي، راجع إلى انطلاقها ضمنيا من سؤال: “ما العمل لتحقيق المطالب الأمازيغية ؟”، وهو سؤال ينصب على الوسائل التي تتحقق بها هذه المطالب. وهنا مكمن الخطأ، لأن سؤال “ما العمل ؟”، المتعلق بالوسائل، لا فائدة منه ولا معنى له ما لم يسبقه سؤال “ماذا نريد ؟” المتعلق بالغايات. وهو السؤال الذي لا زالت لم تطرحه بعدُ الحركة الأمازيغية، وبشكل واضح وصريح ودقيق ومحدد. ولأن هذا السؤال لم يطرح بعدُ، فإن الحركة الأمازيغية تناضل وتطالب دون أن تعرف بالضبط ماذا تريد، ولا أين تروم الوصول، ولا أين سينتهي نضالها، ولا أين ستقف مطالبها. وهذا ما يفسر أنها تطالب بكل شيء ولا شيء في نفس الوقت: فما دام أن كل مطالبها، وعلى كثرتها وتنوعها، وحتى لو تحققت، لن تقضي أبدا على الإقصاء السياسي الذي هو أصل كل مشاكل الأمازيغية والأمازيغيين، كما سبق شرح ذلك، فالنتيجة أن الحركة الأمازيغية تتصرف من خلال مطالبها، بشكلها الحالي، كما أنها لم تطالب بعدُ بأي شيء لصالح الأمازيغية، أي لم تطالب بعدُ بوضع حدّ للإقصاء السياسي الذي هو سبب كل الإقصاءات الأخرى التي ليست إلا فرعا ونتيجة لهذا الإقصاء السياسي كما سبقت الإشارة.
فالسؤال، إذن، الذي كان على الحركة الأمازيغية طرحه، والذي له علاقة بالمشكل الحقيقي والأول للأمازيغية، والذي هو الإقصاء السياسي، كما شرحنا معناه، (هذا السؤال) هو: “ما ذا نريد؟”. والجواب سيكون، ارتباطا بالإقصاء السياسي للأمازيغية، هو: “نريد دولة أمازيغية”، ليس بالمعنى العرقي وإنما بالمعنى الهوياتي الترابي والجغرافي، أي دولة تمارس فيها السلطة باسم الانتماء، ليس إلى العرق الأمازيغي كما في ظل الدولة “العربية”، بل إلى الأرض الأمازيغية ، أي أرض شمال إفريقيا، كما هو حال جميع الدول والشعوب التي تكتسب هويتها من هوية موطنها وحوضها الجغرافي والحضاري.
الأمر يتعلق هنا تحديدا بالهوية الأمازيغية الإفريقية للشعب وللدولة الممثلة لذلك الشعب. أما ما يتعلق بالأفراد، فإن لكل واحد الحق في أن يدعي أنه ينحدر من الأصول العرقية التي يريدها ويختارها، عربية أو يهودية أو فينيقية أو رومانية أو نيجيرية أو أندلسية أو إغريقية… لأن تنوع هذه الأصول العرقية، الحقيقية أو المفترضة وهو الصحيح في غالبها ، لا تأثير له على وحدة الهوية التي تمثلها وحدة الأرض ويضبطها مجال الامن القومي لاي كيان. ولهذا إذا كان المغاربة الشمال افريقيين مختلفين، كأفراد، في انتماءاتهم إلى أصول عرقية متنوعة ومتعددة، مفترضة في اكثرها ومنتحلة في الغالب منها، فإنهم متفقون في انتمائهم جميعا إلى أصل واحد، وهو موطنهم بشمال إفريقيا والولاء له وحده ، والذي يشكّل هويتهم ـ وليس أصلهم العرقي ـ الجماعية ـ وليس الفردية ـ كشعب وأمة ودولة حرة ومستقلة . لقد وقع المغاربة الشمال افريقيون، مقتدين في ذلك بدولهم التي انغمست في رذيلة “الشذوذ الجنسي” عندما غيّرت جنسها الأمازيغي الإفريقي بجنس عربي أسيوي، (وقعوا) ضحية أسوأ استلاب وأقبح تضليل لما أصبحوا يتباهون بأنسابهم وأصولهم العرقية، المنتحلة والمفترضة في الغالب الأعم، ويحتقرون انتماءهم الترابي الحقيقي الذي به تتفاخر الشعوب والدول التي تخلصت من إيديولوجيات الاستلاب والتضليل والخنوع والخضوع.
وعندما تحدد الحركة الأمازيغية بوضوح الغاية التي تناضل من أجلها، والتي هي إقامة دولة أمازيغية كأولى أولوياتها، وبالمعنى الهوياتي الجماعي، الترابي والجغرافي والحضاري، والذي يخص الشعب والدولة وليس الأفراد في حد ذاتهم، والتي (الدولة) هي الشرط الواقف لوضع حد نهائي للإقصاء السياسي للأمازيغية والأمازيغيين، فإن هذه الغاية الجديدة تستلزم إعادة النظر في سبل ومنهجية نضال هذه الحركة حتى يكون هذا النضال متلائما مع الغاية التي هي الدولة الأمازيغية، أي الدولة التي تمارس سلطتها السياسية باسم الانتماء إلى موطنها بشمال إفريقيا. وهنا يجدر التوضيح والتدقيق أن هذه الدولة ليست شيئا جديدا سيخلق من عدم، بل هي هذه الدولة المغاربية الشمال افريقية القائمة والحالية، لكن مع تمزيغ هويتها حتى تكون منسجمة مع هوية موطنها ترابيا وجغرافيا ، كما هو شأن كل الدول والشعوب، الحرة والمستقلة، التي تستمد هويتها الوطنية الجماعية ـ وليس الفردية ـ من أرضها وموطنها.
إن اعادة النظر في سبل ومنهجية نضال الحركة الأمازيغية، يتطلب إذن استراتيجية جديدة تفرض على هذه الحركة الامازيغية القطع مع أشكال نضالها السابق، مع مراجعة نقدية، وبشكل جذري.
مقال بعنوان في الإقصاء السياسي للأمازيغية
بقلم: الدكتور محمد بودهان

من هم المماليك البايات الذين حكموا تونس؟




لئن كان حكم الايالة التونسية قد استقر بيد الأسرة الحسينية منذ 1705 (1)، فإن 
السلطة الفعلية ، على الأرض، قد انتقلت تدريجيا إلى يد المماليك الذين اضطلعوا بدور مركزي في إدارة الشأن السياسي والشأن الاقتصادي بالبلاد. فمن هم المماليك؟ وما هي السمات الرئيسية لسياساتهم فكرا وممارسة؟

 من هم المماليك؟

المماليك هم عبيد من أسرى القرصنة البحرية أو ممن جرى اقتناؤهم من أسواق العبيد بإسطنبول أو تونس أو غيرهما من أسواق العبيد، اصطفاهم البايات لخدمتهم. وهم ينحدرون من أصول إيطالية ويونانية وجيورجية وشركسية، تربوا في بلاط البايات الحسينيين وارتقوا بصفة تدريجية في سلم الوظائف الإدارية والمهام السياسية حتى وصل بهم الأمر إلى بسط سلطتهم المطلقة على سكان البلاد التونسية في النصف الثاني من القرن الثامن عشر وطيلة القرن التاسع عشر الذي توجوه بإعلان إفلاس البلاد سنة 1869 ثم تسليمها إلى الاستعمار الفرنسي سنة 1881. والمشهور أن المنافسة بين الماليك الشراكسة والقرج من جهة والمماليك اليونانيين كانت شديدة ، ذلك أن ” المماليك الجراكسة والقرج يكرهون المماليك اليونان لمبالغتهم في الملق لأسيادهم ودناءة طباعهم… ويرون فضلهم على اليونان لكونهم عريقين في الاسلام وأثمانهم أضعاف أثمان غيرهم..”(2). ولتعزيز سلطتهم، تحالف المماليك مع أعيان الحواضر الكبرى وخاصة تونس العاصمة ، ” البلدية” وعلماء الدين وشيوخ الطرق الدينية و”الأشراف” أو من كانوا ينسبون أنفسهم إلى “آل البيت”. أما في تونس العميقة فقد ربطوا صلات وثيقة قوامها المنفعة المتبادلة مع أعيان القبائل ، حيث سخروهم لخدمة مصالحهم مقابل تمكينهم من سلطة مطلقة على منظوريهم تبيح لهم السلب والابتزاز، ومثلوا ذراعهم الطولى التي لا ترحم فقر الفقراء ولا حاجة المحتاجين. كان سلاحهم في ذلك اعتماد سياسة “فرق تسد” لا فقط بين سكان المدن وسكان البوادي في المناطق الداخلية وبين أعيان القبائل وسائر أفرادها وبين القبائل في مجملها، بل بلغ بهم الأمر حد استثارة الأخ على أخيه في صورة نادرة لما بلغه الأهالي من هوان في تلك الفترة، تشهد عـــلى ذلك هذه الرسالة الموجهة من أحمــد بن عمار شيخ “بيت الشريعة” بالجريد إلى الوزير الأكبر مصطفى خزندار بتاريخ 18 رجب 1280 ( 29 ديسمبر 1863) حيث يشكو أخاه ويحرّض على الاقتصاص منه بسبب امتناعه عن دفع المجبى وتزعّمه للرافضين لهذا الأمر:”…وبعد أولا سيدي ملازمين لكم بالدعاء الصالح في بيت الشريعة عقب كل درس وصلات…ويليه سيدي قد كنت أخبرتكم عن أناس لم يمتثلوا لخلاص مال الإعانة مفسدين عني، منهم أخونا ومعه تسعة أنفار الفسايدية ومعهم أناس متبعين لفسادهم وممتنعين من الإعطاء لمال الإعانة…كل ذلك من محمد بن عمار أخونا هو الذي يفسد فيهم…ومحمد هو الذي يخاصم عنهم. فبقت هذه الطائفة ممتنعين من الإعانة. أخونا هو الذي يفسد فيهم ويغويهم ولم يتركهم نخلصوا منهم الإعانة. هذا كله من أخونا محمد بن عمار. المطلوب من السيادة التعيين إلى محمد بن عمار والطائفة الذين معه…ونهيهم عن الفساد…فها نحن أخبرناكم ونظركم أعلا وأوسع ودمتم في أمان الله وحفظه والسلام.” (3) ومن أكثر المماليك شهرة: مصطفى خوجة ، إسماعيل قائد السبسي ، شاكير صاحب الطابع ، يوسف صاحب الطابع ، مصطفى خزندار ، محمد خزندار، خيرالدين باشا، الجنرال رستم، الجنرال حسين….
2. في خصائص الفكر السياسي المملوكي
لقد اتسم تعاطي المماليك مع الشأن التونسي العام الذي ائتمنهم عليه البايات الحسينيون بسمات ترسخت مع الزمن ما حولها إلى ثقافة سياسية / فكر سياسي قائم الذات يحيل على أبشع معاني التهميش والإذلال والطغيان وشتى ضروب الابتزاز والسرقة والنهب والاعتداء في ظل ثقافة هجينة تتبدى من خلال لغة ركيكة وأدأب صفراء وجهل مدقع… ولقد توارثت الطبقة السياسية التونسية على مر العقود هذه الثقافة السياسية واسترشدت بها في تسيير الشأن الوطني. وأهم سمات الثقافة السياسية المملوكية:
– الاستبداد بالسلطة السياسية ضمن حلقة ضيقة من النخبة المدينية التي تتشكل من الباي وأسرته ومماليكه، وهم غالبا وزراؤه وقادة جيشه وكبار موظفي دولته، والبلدية (4) من كبار التجار وكبار مالكي الأرض والقائمين على الدين حرفة مقابل استبعاد تام للأهالي من المشاركة الفعلية في إدارة الشأن العامّ إلا من ارتضى دور التابع الأمين مثل عدد من زعماء القبائل وأعيانها وبعض القائمين على الزوايا والطرق الدينية. ويعكس هذا السلوك احتقارا حقيقيا لهؤلاء السكان الذين ينظر إليهم على أنهم مجرد رعايا يسبحون بحمد البايات ومماليكهم، خلقوا أصلا لخدمة سادتهم لا غير.
– الاستئثار بالثروة والاستحواذ عليها بشتى الأساليب غير المشروعة كالابتزاز والنهب السافر والسرقة الموصوفة بما أفضى إلى بروز “شبكة” من الأثرياء لم ينقطع ثراؤها رغم تغيّر الظروف السياسية مقابل الإبقاء على حالة الحرمان والفقر بين سائر التونسيين خاصة في المناطق الداخلية استنادا إلى مقولة مملوكية خالصة: ” البربري خوذ ماله واقطع رأسه”(5). ولا يخلو تاريخ كل المماليك من عمليات السلب والنهب والسطو على الممتلكات وقد استمرت هذه الميزة لدى النخبة التونسية ولسنا في حاجة لإثبات هذا الأمر والوقائع الدالة على ذلك في تاريخ ما يسمى بالدولة الوطنية متعددة.
– نشر ثقافة هجينة تضرب في الصميم هوية الشعب الأصلية من خلال ضرب لغته الأم عبر تعويضها برطانة هي خليط من اللهجات المتداولة في المنطقة المتوسطية اضافة الى التعريب العشوائي وتحويل الدين الإسلامي إلى مجــــــــــرد طقوس جامدة تفرغه من محتواه الإنساني الشامل، وليس أدل على ما تقدم من ضمور العطاء الفكري التونسي في ظل حكم المماليك.
– الاستقواء بالأجنبي والاحتماء به وقد شهد النصف الثاني من القرن التاسع عشر تأرجح القرار السياسي التونسي بين القنصلين الفرنسي والبريطاني وفقا لمزاج المماليك الذين تسيدوا البلاد ووفقا لأطماعهم وحساباتهم الشخصية، وقد تحوّل الأجنبي لهذا السبب إلى “شريك” في القرار السياسي الوطني.
وفي كل المراحل وفي ظل كل البايات الحسينيين لم يكن للشعب التونسي دور يذكر في الشأن العام وكان مجرد رعية تسمع وتطيع وتنزف دما وعرقا ودموعا لتوفير شتى أنواع الضرائب.
وهكذا ظل الأهالي ، أصيلو البلاد والمناطق الداخلية منها على وجه التحديد – إلا من لهج بمدح الحاكم وارتضى خدمته من زعماء القبائل وأعيانها والقائمين على الزوايا- مبعدين عن الشأن السياسي الذي انفرد به الباي ومماليكه و”البلدية” الموالين له، وكان ذلك مقصد الشعار المرفوع في انتفاضة القبائل سنة 1864 : “لا للمماليك….”. ويكفي للتدليل على ذلك النظر في تركيبة “المجلس الكبير” الذي تشكل على إثر صدور دستور 1861 ، ففي معرض تعليقه على تعيين أعضاء هذا المجلس، يكتب أحمد بن أبي الضياف : ” …ومن غريب الاتفاق أن العشرين رجلا المنتخبين من رجال الدولة لم يكن فيهم من أبنائها ولادة إلا العبد الحقير ( يشير إلى نفسه) والشريف حسين بن عمرالمقرون…كما أنه من الاتفاق أن هؤلاء الرؤساء على المجالس لم يكن فيهم أحد من أبناء المملكة ولادة، بل رؤساء مجلس التحقيق والجنايات ليس فيهم من شروط الانتخاب إلا الوجاهة في هذه الدنيا وليس لهم من العلم إلا الاحساس بالأمور الضرورية….كما أنه من الاتفاق أن أهل المجلس الأكبر لم يكن منهم واحد من أهل العلم.” (6).
3. مرتكزات الفكر السياسي المملوكي
استند هذا السلوك السياسي القائم على استثناء الأهالي – وسكان المناطق الداخلية منهم تحديدا – من إدارة الشأن العام على خلفيتين:
– خلفية استبدادية تتمثل في سيطرة الباي المطلقة ومن يفوضهم من المماليك على الشأن السياسي والإداري عامة في ظل بنية إدارية بدائية تتمثل مهمتها الأساسية في خدمة سلطة الباي وحاشيته من المماليك وبقايا الأتراك عبر تنفيذ قراراته دون مراجعة كما تتمثل في جمع الجباية المجحفة المسلطة على السكان. ولم تجد القوانين والترتيبات التي جرى سنها تحت ضغط القوى الأجنبية مثل قانون عهد الأمان سنة 1857 ودستور 1861 في الحد من هذه السلطة المطلقة، بل إن محمد الصادق باي و وزيره الأكبر المملوك مصطفى خزندار استغلا انتفاضة القبائل سنة 1864 لإيقاف العمل بالدستور وتجميد المجلس الكبير وإنهاء العمل بالنظام العدلي الجديد بتشجيع من القنصل الفرنسي آنذاك. ويورد بن أبي الضياف في معرض الإشارة إلى الحكم المطلق للباي الرد المنفعل من قبل محمد الصادق باي عندما أعلمه بعض عمال الجهات بتعذر استخلاص المجبي في صيغتها الجديدة: ” أنا [محمد الصادق باي] حكمت بالغصب في الخلاص وعلى الخديم الاجتهاد في تنفيذ الأمر، وهؤلاء رعيتي، وهل ثم أحد يسألني في رعيتي؟” ويعلق ين أبي الضياف على هذا القول، ” فانظر الملك المطلق إلى أين يصل” (7).
– أما الخلفية الثانية فيختلط فيها الثقافي بالتاريخي وتكاد تلامس العنصرية وتتمثل في ما يحمله الممـــاليك
من توجس تجاه الأهالي الأصليين يصل حد النقمة والكراهية (8)، وقد اشتهرت عبارة كان يرددها المماليك في حق الأهالي: ” أولاد تونس زقايط لا يصلحو لشيء” (9) ما أفضى بهم إلى السعي إلى عزل الباي عن رعيته ذلك أن التوافق بين الباي والرعية من جهة واعتماد أهل البلاد في إدارة الشأن العام يعنيان انتهاء حظوتهم وما يتمتعون به من نفوذ والعودة بهم إلى دورهم الأصلي: مجرد عبيد وخدم في قصور البايات. إن هذا التوجس من الأهالي يجد جذوره في تاريخ الدولة الحسينية تحديدا، فقد شهدت هذه الدولة حربا أهلية أثارها تمرد علي باشا على عمه حسين بن علي بعد أن خلعه من ولاية العهد وذلك في سنة 1728، وأفضى هذا الصراع على السلطة السياسية في صلب العائلة الحسينية إلى انقسام البلاد بين “الصف الحسيني” : قبائل الهمامة ( سيدي بوزيد وقفصة) وجلاص (القيروان) ونفات ( بئر علي بن خليفة) وأولاد عون( سليانة) المناصر لحسين بن علي، و”الصف الباشي”: قبائل ماجر والفراشيش (القصرين) وأولاد عيار (مكثر) و ورتان (الكاف) وجهة الساحل، المناصر لعلي باشا. وما يعنينا في هذا الأمر هو الدور الذي اضطلعت به القبائل المتمركزة في غرب البلاد في هذا الصراع بما أكد ما عرف عنها من نزوع إلى التمرد على السلطة المركزية واعتبارها “قوى نابذة” لا بد من “خضد شوكتها” بكل الوسائل الممكنة: التفقير المستمر والإذلال الممنهج وبث الفرقة بينها حتى لا تجتمع كلمتها أبدا ذلك أن السلطة المركزية كانت دوما أكبر المتضررين كلما اجتمعت كلمة هذه القبائل ، أوليست انتفاضة 1864 أفضل دليل على ذلك؟ لقد كان هذا السلوك القائم على الظلم والإذلال سياسة الدولة الرسمية تجاه رعاياها، سياسة يؤسس لها في المجالس المغلقة وتبتدع لها المبررات وكان الرأي السائد بين الباي ومماليكه وبقايا العساكر الأتراك ومن والاهم من البلدية ومن رجال الدين ” المحترفين” ” أن العربان إذا كثر مالهم ساء حالهم، وفي ثقل الجباية خضد لشوكتهم وكبح لهم عن العصيان…” (10). والواقع أن القاموس المستعمل آنذاك يزخر بمفردات تكشف عن موقف السلطة المركزية وأعوانها من هذه المجموعات البشرية المنتشرة في غرب البلاد: فهم “عربان” و”أوغاد” و”أوباش” و”عامة” و” فسايدية”( مفسدون) و “من يطلب الرزق بالفتنة” و”أهل الفساد” و”أهل العيب” و” الغوارة” ( القائمون بالغارات) (11)… وهكذا كانت السلطة المركزية – و المماليك تحديدا – تعاملهم معاملة العدو لعدوه ولهذا السبب كان إنهاء سلطة المماليك من المطالب الرئيسية لانتفاضة القبائل التونسية سنة بقيادة علي بن غذاهم الماجري 1864.”…ويقال أنهم طلبوا أن لا تتولى عليهم الموالي من المماليك الأجانب المتجبرين …لأن غالب المماليك وأهل الصراية ( القصر) يخرجون إليهم خروج المالك لعبيده، يرون ما يأخذونه منهم حقا واجبا وما يبقونه بأيديهم تفضلا منهم ويستعينون على ذلك باستمالة أعيانهم بالرهبة تارة وبالرغبة تارة أخرى ويجعلون لهم طعمة كسهم الكلب على المائدة ومن أمثالهم ” الشجرة تحرق بعود منها”…ولا يخطر ببال الرعية الانتصاف من هؤلاء…لأن القوم من المقربين زلفى معايبهم تستر و زلاتهم تغفر” (12).
لقد جمع حكم البايات الحسينيين ومماليكهم بين الاستبداد بالشأن السياسي من جهة وإقصاء الأهالي عامة وسكان تونس الداخلية تحديدا من الممارسة الثقافية والاقتصادية والسياسية. و أفضى هذا السلوك الاستبدادي الاقصائي إلى تفاقم أزمة
البلاد التونسية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر و إلى إغراقها في الديون ما
أفضى إلى تركيز “اللجنة المالية الدولية” (13) سنة 1869 كمقدمة للاستعمار الفرنسي
سنة 1881.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش
(1) تأسّست الدولة الحسينية سنة 1705 على يد حسين بن علي التركي بعد أن بايعه ” أهل الحل والعقد” في تونس العاصمة لدرء مخاطر الفوضى والاضطراب التي كانت تهدد البلاد، وزالت هذه الدولة سنة 1957 بإعلان النظام الجمهوري.
(2) توفيق البشروش، ربيع العربان، بيت الحكمة 1991، ص 90-91.
(3) عبارة تونسية تشير إلى ساكنة المدن وخاصة العاصمة تونس وهي مشتقة من كلمة البلاد/ البلدة/ البلد أي المدينة أو الحاضرة ولا تزال متداولة إلى اليوم في بعض الجهات. وتحمل هذه العبارة معاني التعالي على بقية مكونات المجتمع التونسي، فالبلدية والأعيان منهم على وجه الخصوص يحتكرون السلطة الدينية والنفوذ الاقتصادي ويتمتعون بالوجاهة الاجتماعية وكانوا ولا يزالون طرفا أساسيا في الحكم.
(4) احمد بن أبي الضياف، إتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد الأمان، ج 5، ص 129، الدار التونسية للنشر، 1990.
(5)الاتحاف، ج 5، ص 44.
(6)الإتحاف، ج 5، ص 122.
(7) Chérif M.-H. Les mouvements paysans dans la Tunisie du XIXe siècle. In: Revue de l’Occident musulman et de la Méditerranée, N°30, 1980, p 24-25.
(8) الاتحاف، ج 8، ص 185، زكايط، مفردها زكطي: لئيم، خبيث، شرير.
(9) الاتحاف، ج 5، ص 129.
(10)الاتحاف، ج 5، ث 148.
(11) محمد الهادي الشريف، ذكر سابقا.
(12) صدر القرار القاضي بتشكيل اللجنة المالية الدولية في 5 جويلية 1869 وهي تمثل مصالح كبار مقرضي الدولة التونسية وتسهر على التصرف في المالية العمومية بما يضمن مصالح الدائنين وتتركب من ممثلين عن فرنسا وانقلترا وإيطاليا وترأسها المملوك خيرالدين باشا التونسي.

أكذوبة الوطن العربي المزعوم


ما صار يسميه المستعربون والمتبنون للفكر العروبي في شمال افريقيا اليوم من
الأمازيغ بالوطن العربي هو في الحقيقة والواقع ليس وطن لأحد وانما وطن اصطناعي ، فهذا المصطلح مصطلح معاصر ظهر بعد ظهور الجامعة العربية 1945 وبعد صعود القوميين للحكم في عدة دول بالشرق بمعية بريطانيا وفرنسا وانهيار الخلافة العثمانية. فما قبل ذلك كان ثمـة شبه جزيرة عربية وبلاد شام وعراق ومصر وبلاد مغرب أو شمال أفريقيا وحتى مصطلح مشرق فهو من اختراع المغاربة العروبيون وليس من المشارقة أنفسهم فالعرب يعرفون أنفسهم الى زمن قريب بالخليجيين ومازالوا ولا يسمون أنفسهم بالمشارقة ولا كذلك شبه الجزيرة العربية بالمشرق العربي وحتى اتحادهم يسمى بمجلس التعاون الخليجي.

بسطة عن تاريخية العرب والعروبة في بلاد الامازيغ شمال افريقيا
الأمويون العرب من الشام ،غزوا شمال افريقيا في القرن السابع ميلادي وسيطروا على البلد أو احتلوه بعد قيام المسلمين الاوائل بنشر الإسلام فيه وصار الجميع مسلمون لكنهم واصلوا بسط نفوذهم على البلد. ماذا تركوا وراءهم من معالم ؟ لا شئء غير سبي النساء الامازيغيات أيضا والبحث عن فراء الخراف البيضاء كما يقول المؤرخ ابن عذاري المراكشي، وشؤون أخرى، مع إرسال الولاة والجيوش جيش تلو جيش ،، أوله في دمشق وأخرهم عند البربر كما قال الخليفة هشام بن عبدالملك خلال حملته لغزو إفريقية.
العباسيون العرب من بغداد لم يشيدوا في شمال افريقيا ولو جامع واحد !! ولا بحرية ولا مواني ولا مراكز، فلما لا ينظر الامازيغ الى هذه الدولة العريضة التي كانت في بلاد شمال افريقيا مهتمة فقط بالسلطة وسبي النساء الامازيغيات كما تقول المصادر المتحدثة عن ذلك العهد.
اتباع غزوة عربان بني هلال وبني سليم ماذا صنعوا ؟ لا شيء سوى الدمار والخراب والقبلية والقتل والسفك والفساد والتهجير واستعباد واستعراب من قبع تحت سيطرتهم.

لذا عليكم ان تسألوا اليوم هل كانــت شمال افريقيا موطنا للحضارة والتمدن والسلطة والنظام والعسكر والعلوم والفنون أم بلدا طارداً جافا رعويا بدائيا وبسيطا ،خالٍ من السلطة والدولة والنظام لا تاريخ له حتى يتم الحاقه اليوم بما يسمونه بالوطن العربي المزعوم ويتبنى سكان شمال افريقيا هوية مستوردة وانتماء مستورد ويقبع تحت التبعية والوصاية الاجنبية العربية الآسيوية.