jeudi 15 décembre 2016

الحركة الأمازيغية : مطالبها وأهدافها



على الحركة الأمازيغية في شمال افريقيا أن تعي الظرف الدقيق للمرحلة وتتحمل مسؤولياتها كاملة.

ان الحركة الأمازيغية، رغم أنها واعية أن القضية الأمازيغية قضية سياسية، إلا أنها لا زالت تناضل دائما في إطار ثقافي لغوي تراثي ولم تنتقل بعدُ إلى المستوى السياسي الذي هو لب القضية الأمازيغية. وإذا كانت القضية الأمازيغية قضية سياسية في جوهرها، فينبغي إذن التحول من المطالب ذات المضمون الثقافي التراثي إلى مطالب سياسية حقيقية. لكن كيف يتم هذا التحول؟؟
السياسة في تعريفها العام هي كل ما له علاقة بالحكم والسلطة وتسيير شؤون الدولة وبالتالي فإن صاحب المطالب السياسية الحقيقية هو من يسعى إلى الوصول إلى الحكم، أي تسيير شؤون الدولة، كما لدى الأحزاب السياسية، حسب ما سبقت الإشارة إليه. النتيجة أن الحركة الأمازيغية، في شمال افريقيا حتى تنتقل من الثقافي إلى السياسي، هو ينبغي أن يصبح الحكم أمازيغيا في دول شمال افريقيا. لكن كيف ذلك وبأي معنى وبأي مضمون؟
أن يصبح الحكم أمازيغيا كمطلب للحركة الأمازيغية لا يعني المطالبة بتغيير الحكام الحاليين باعتبارهم "عربا" (وهذا خطأ لأنهم في الحقيقة أمازيغ مستعربين ومتبنين للفكر العروبي أي توجههم الفكري والسياسي عربي) واستبدالهم بآخرين ناطقين بالأمازيغية. فهذا التصور للحكم الأمازيغي ينطلق من مفهوم عرقي وعنصري للهوية يجد مصدره في الثقافة العربية المشرقية التي تربط الهوية بالعرق والنسب، وهو المفهوم الذي ينبغي على الحركة الأمازيغية في شمال افريقيا تجاوزه واستبداله بمفهوم ترابي للهوية يربط هذه الأخيرة أي الهوية، ليس بالعرق والنسب بل بالأرض وهو ما يدخل في تعريف الهوية ويشكل جوهرها وأساساها كما نجدها عند كافة الشعوب والدول. فما يجب أن تطالب به الحركة الأمازيغية هو أن تنقل مطالبها إلى المستوى السياسي، ليس المطالبة بترسيم اللغة الأمازيغية بل ترسيم الدولة الأمازيغية ـ والذي يجسده الحكم الأمازيغي ـ بالمفهوم الهوياتي الترابي، أي أن تصبح الدولة أمازيغية الهوية و الانتماء أي انسجاما مع هوية الأرض الأمازيغية التي تسود عليها هذه الدولة. فما لم تجعل الحركة الأمازيغية في شمال افريقيا من ترسيم الدولة الأمازيغية ـ بالمفهوم الهوياتي الترابي دائما وليس بالمفهوم العرقي مطلبها المرجعي والأصلي وتبقى كل مطالبها في شكلها الحالي مطالب ثقافية لا يمكن الاستجابة لها إلا ثقافويا بل فلكلوريا لا تتعدى حدود الهامش التراثي مع بقاء هوية الدولة عربية ومحافظتها على الانتماء العربي ليستمر معها الإقصاء السياسي للأمازيغية. وهو ما يدعم "السياسة البربرية" الجديدة التي تنهجها الدولة العربية تجاه المطالب الأمازيغية ففي إطار هذه "السياسة البربرية الجديدة"، لا تجد الدول الشمال افريقية العربية الهوية والانتماء حرجا في الاستجابة للمطالب الأمازيغية في شكلها الثقافي والتراثي واللغوي ما دام أن هذه المطالب لا تمس بالثوابت الهوياتية العروبية للدولة هذه الثوابت التي تؤكد أن ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريطانيا بلد عربي دولته عربية وتحكمها سلطة عربية هويته عربية وانتمائه عربي وبالفعل لم يسبق، إلى حد الآن، للحركة الأمازيغية بشمال افريقيا أن طالبت بتمزيغ هوية الدولة الليبية والتونسية والجزائرية والمغربية والموريطانية تبعا لهوية الأرض التي تحكمها هذه الدولة، ولو أن الاعتراف بالهوية الأمازيغية يشكل أحد المطالب الرئيسية لهذه الحركات لكن بمعناها الثقافي والتراثي والأنتروبولوجي والعرقي الخاطئ، المتعلق بهوية الأمازيغيين كأفراد وجماعات معزولة عن باقي مكونات الشعب لهم لغة وعادات وتاريخ وتراث خاص بهم بل واعتبارهم خطأ وفق أجندات سياسوية مقيتة كأقلية أمازيغية داخل أغلبية عربية وليس بمعناها السياسي المتعلق بهوية الدول في شمال افريقيا وانتمائهم فلا نجد في أدبيات الحركات الأمازيغية في شمال افريقيا ذِكرا لمطلب ذي علاقة بتمزيغ هوية الدولة والسلطة والحكم. واستمرارهذه الحركة في المطالبة بالاعتراف بالهوية الأمازيغية بهذا المعنى التراثي الفلكلوري الهامشي، غير السياسي ، يحصر القضية الأمازيغية في إطار عرقي ضيق يختزلها في صراع بين أمازيغيين يطالبون بحقوقهم و"عرب"(أمازيغ عروبيين)يرفضون هذه الحقوق. وهو ما يجعل "العرب" دائما نقول المفترضين الذين هم في الاصل امازيغ مستعربين ذوي توجه فكري قومي عروبي سوى علماني-اسلامي أو فرنكوفوني يتخوفون من الأمازيغية لأنهم يرون فيها تهديدا لمصالحهم السياسية والاقتصادية والإثنية، وهو ما يزيد من عدائهم ورفضهم للأمازيغية. بل إن منهم من يغوّلون (من الغول) الأمر ويهوّلونه عندما يقولون بأن الأمازيغيين (الناشطين في الحركة الأمازيغية) سيطردونهم من شمال افريقيا لو كانوا يملكون السلطة ويطلقون صيحات الفزع التي تحذر من التقسيم والفتنة مع تهم الخيانة والعمالة وهكذا تُفاقمت المطالب الأمازيغية المنطلقة من فهم عرقي عروبي للهوية من جهة ومن فهم غربي حقوقي للهوية من جهة أخرى من التعارض والتنافر بين الهوية الأمازيغية والمنتمين إليها من الأمازيغيين أنفسهم.

الفرق بين الهوية السياسية والتعددية الثقافية





يتسبب مصطلح الهوية "السياسية"والتعددية "الثقافية" بكثير من البلبلة والتناقض والخلط لأنه قد يعني في آن واحد "الثقافة" (المتغيرة) و"الهوية" (الثابتة) لشعب أو دولة ما.
وكثيرا ما ينطبق هذا المصطلح على "ثقافة رسمية" أو "ممأسسة" أو "مقدسة" لمجموعة ما، كأتباع دين معين أو أيديولوجيا معينة أو اتجاه فكري أو نظام اجتماعي معين. بل حتى الدول والمؤسسات والشركات التجارية الكبرى قد تملك "هويات ثقافية" خاصة بها. ويؤمن أتباع الدين أو الأيديولوجيا أو المؤسسة بأن منظوماتهم الفكرية لا تتغير عبر الزمن (هنا يكثر الحديث عن "الخصوصيات الثقافية"). ومن المعلوم أن معظم الأديان والأيديولوجيات والنظم الفكرية تحتوي على بعض الأفكار والمعتقدات الثابتة والمستمرة عبر مدة زمنية طويلة، وهو ما يعطيها "صفة هوياتية" (لأن الهوية لا تتغير). ولهذا السبب يحرص أتباع الأديان والأيديولوجيات على إضفاء صفة "الهوية" أو "الهوية الثقافية" على أديانهم أو أيديولوجياتهم، ويترفعون عن وصفها ب"الثقافة" (لأن الثقافة تتغير عبر الزمن).ولكن الحقيقة هي أن تلك الأديان والأيديولوجيات تتوفر على أجزاء كبيرة منها خضعت لتغير ما في التفسير والتأويل وطريقة التطبيق. بل وإن الكثير منها خضعت لتعديلات جوهرية مما يجعل مقارنتها ومساواتها بنسخها القديمة أمرا متعذرا.إذن ف"الهوية الثقافية" تنطبق على الأديان والأيديولوجيات والحضارات والنظم الإجتماعية والفكرية والثقافية المتميزة عن بعضها البعض والتي لم تتغير (بعض أفكارها) عبر الزمن، أو لم يتغير تأويلها كثيرا. إلا أن "الهوية الثقافية" (رغم استمراريتها المحتملة) تبقى مجموعة من الآراء والأفكار الموضوعية عكس "الهوية السياسية" التي هي خصائص ذاتية صرفة للشعب والدولة أي تعبر عن كيان سياسي مستقل ذو سيادة.
هل الهوية السياسية قابلة للتصدير والإستيراد مثل الثقافة والفنون والبضائع؟
حينما نتعلم إعداد أكلة إيطالية شهية أو ندرس نظرية ألمانية أو نشتري لعبة كومبيوتر أمريكية فنحن نستورد ثقافات أجنبية. وحينما يشتري السياح مصنوعات تقليدية من شمال افريقيا تمازغا ويعودون بها إلى بلدانهم، فشمال افريقيا تمازغا حينئذ يصدّر منتوجا ثقافيا إلى الخارج.
ولكن هل سمعنا يوما عن شعب استورد هويته السياسية من شعب آخر وهل سمعنا أن شعبا استورد سيادته ؟
هل سمعنا يوما عن شعب يريد أن يتخلص من هويته الأصيلة لكي يصبح نسخة من شعب آخر أي يتنصل من كيانه المستقل سياسيا ويصبح تابع لكيان سياسي لشعب آخر؟
وحتى لو حدث هذا، فهذا يعني بأن ذلك الشعب (المستورد للهوية) لا يملك هوية خاصة به، أي أنه لا يملك ذاكرة جماعية أصيلة ولا شخصية ذاتية ولا تاريخا يميزه عن الشعوب الأخرى ولا سيادة على أرضه وبالتالي هو مستعمر وتابع وغير مستقل.
باختصار: الهوية هي خاصة بصاحبها، الشخص أو الشعب، وتميزه عن غيره. الهوية غير قابلة للتصدير والإستيراد والإستنساخ والمزج (باستثناء حالات غسيل الدماغ والإستلاب والإستعمار السياسي والاستحمار الثقافي).
هل يمكن أن يكون هناك "تعدد هوياتي" على غرار "التعدد الثقافي"؟
التعدد الثقافي شيء معروف جدا. فالشخص أو الشعب الذي يتكلم عدة لغات هو متعدد الثقافات. والشخص المتعمق في التاريخ الأمازيغي والفلسفة الإغريقية والحضارة الصينية والشعر العربي مثلا هو متعدد الثقافات.
ولكن لا يمكن لشخص أو شعب أن يمتلك هويات متعددة وخصائص ذاتية "ثابتة" و"متغيرة" ومتضاربة في آن واحد. وأيضا لا يمكن لشخص أو شعب أن ينتمي لأرضين ويتواجد في بلدين أو في مكانين في نفس الوقت!
أن يكون شخص واحد أو شعب واحد "متعدد الهويات" فهو بمثابة شخص بعدة رؤوس أو بعدة شخصيات!يعني لا يمكن للانسان الأمازيغي الشمال افريقي أن يقدم نفسه للمجتمع الدولي كانسان أمازيغي وعربي وعثماني وروماني وبزنطي وفينيقي وفرنسي واسباني وايطالي وهو مالا يقبله العقل والمنطق. ولابد أن بعضنا قد سمع عن المرض النفسي "تعدد الشخصيات" Multiple personality disorder أو مرض "انفصام أو تعدد الهوية" Dissociative identity disorder حيث إن الشخص يعاني من تداخل هويات شخصية وهمية تتطفل على هويته الشخصية الحقيقية . حيث إن تلك الهويات الشخصية ومن ثم الشعبية الوهمية تكون مبنية في ذهنه على تاريخ شخصي ومن ثم شعبي متخيل وأحداث متخيلة وانتماءات متخيلة، أو ذكريات متخيلة أو مشوهة تغذيها القراءة الاستعمارية الاجنبية لتاريخه والغزو الايديولوجي والثقافي والاعلامي لدماغه. والشخص أو الشعب الذي يقال عنه بأنه "متعدد الهويات" أو "متعدد الروافد الهوياتية" هو في الحقيقة متعدد الثقافات (أو متعدد الروافد الثقافية) لا غير . وفكرة التعدد و"الروافد" لا محل لها من الإعراب في الهوية السياسية للشعوب ، وإنما الروافد تنطبق على الثقافة، حيث إن الشعوب والحضارات تتعلم من بعضها البعض بشكل مستمر و"تتغذى" من "روافد" المعارف والثقافات المتجددة وتخلق لنفسها "ثقافات هجينة" جديدة تتغير باستمرار وتجمع بين أفكار وفلسفات وفنون مختلفة محلية وأجنبية، دون أن يتخلى أي من تلك الشعوب عن هويته السياسية الوطنية التي هي عنوان استقلاله وسيادته.
كل شعب يملك تاريخا واحدا وجغرافية واحدة يشكلان البعدين الزمني والمكاني لهويته (أي ذاكرته الجماعية). ولا يمكن دمج وصهر تاريخ وجغرافية الشعب في تاريخ وجغرافية شعب آخر لأن ذلك تدمير للذاكرة الجماعية للشعب وهذا حال الشعب الأمازيغي بشمال افريقيا. وهذا الدمج والصهر القسري للهوية السياسية هو بمثابة إبادة معنوية للذاكرة الجماعية لا تختلف كثيرا عن الإبادة المادية للأجساد. فهو ليس الا استعمار للأرض وللانسان.
وكذلك لا يمكن دمج أو صهر التاريخ الشخصي والتواجد المكاني لإنسان ما في إنسان آخر لأن ذلك طمس للذاكرة الشخصية للإنسان أي أنه تدمير للهوية الشخصية.فلا يمكن بالمرة دمج وصهر التاريخ الشخصي والتواجد المكاني الشمال افريقي للانسان الامازيغي في الانسان العربي الآسيوي.والهوية الأمازيغية لم تكن يوما ناقصة حتى تحتاج إلى هويات أجنبية تغذيها وتكملها رغم أنها هوية منفتحة تفاعلت واستوعبت ولم تستوعب كل ما وفد عليها وأصبح جزء لا يتجزأ منها. وإنما هي هوية فريدة خاصة بالشعب الأمازيغي الشمال افريقي وأرضه الأمازيغية الشمال افريقية تميزه عن الشعوب والأوطان الأخرى تأكل ولا تؤكل. الهوية الأمازيغية غير محتاجة للإختلاط والتمازج بالهويات الأخرى، زيادة على استحالة ذلك من الناحية العملية لأن خلط الهوية هو تخلي عن السيادة والاستقلال ودخول في حالة من الاستعمار والتبعية وهذا ما يحصل لفائدة الهوية العربية الآسيوية وبالتالي تحول الارض الامازيغية الى ارض عربية والانسان الامازيغي الى انسان عربي ولا معنى للتعدد الثقافي والتثاقف واتقان عدة لغات لأن الهوية السياسية التي تقدمك للمجتمع الدولي هي هوية عربية للأرض والشعب وكل ما يعود اليهما وعليهما.

mercredi 7 décembre 2016

الأصول الجينية للشعب التونسي




صدر مؤخرا التقسيم الجيني للبشرية الذي يعطي بوضوح تكوين الشعوب ولئن يمكن للروايات التاريخية أن تتضارب فإن علم الموروث الجيني هو علم صحيح لا يقبل الدحض تقريبا.و قد يتضمن أصول الشعب التونسي مفاجأة للبعض لكنه يحمل أيضا بعض الإجابات عن الحضارات التي مرت بها البلاد التونسية.
* العنصر الأمازيغي (البربري) فأول رقم هوّ أن 73% من الشعب التونسي أمازيغ من السكان الأصليين لتونس وهو رقم معقول مقارنة بدول الجوار كالجزائر والمغرب ذات الكثافة الأمازيغية وقد يعود ذلك لموقع تونس المتقدم في شمال افريقيا الذي جعلها أكثر عرضة للغزو والإستيطان عبر التاريخ.
* العنصر الأوروبي في الجينات التونسية بنسبة 3.4 % وهي نسبة تبدو هامة مقارنة بالرأي السائد الذي يتحدث عن إنقراض العنصر الروماني وبعض العائلات المتوسطية من جنوب المتوسط التي إستوطنت تونس.
* العنصر العربي والذي يبلغ 13 % من مكونات المجتمع التونسي وهو ما يدحض عدة نظريات التي تتحدث عن أهمية العنصر العربي والتهويل من الأصول العربية لدى التونسيين والتي تترواوح بين تونسي من سبعة و تونسي من ثمانية فقط له أصول عربية.و تفصيلا 3.1 % من التونسيين ينحدرون من جنوب شبه الجزيرة العربية ، أما نسبة الهلاليين والسليميين من التونسيين فهي لا تتجاوز 9 % من فخوذ بنو هلال وبنو سليم المتفرعة مجتمعة وهو دحض للمقولة الشهيرة أن التونسيين نصفهم أمازيغ و نصفهم عرب بنو هلال .و أخيرا 0.9 من التونسيين ينحدرون من الشام ويمكن إلحاقه بالعنصر العربي نسبة للمستعربة.
* العنصر التركي تبلغ نسبته 3.2 % من مجموع التونسيين و هاته الهجرة حديثة نسبيا بدأت منذ القرن السادس عشر و إستمرت إلي أواخر القرن التاسع عشر والمعلوم أن الخلافة العثمانية لم تستعمل إدارة الإيالة التونسية العنصر التركي السلجقي بل كانت تستعمل العنصر الأوروبي سواء كانو مماليك أو في الجيش الإنكشاري وهذا ما يفسر أن العديد من التونسيين لا يدركون أصولهم التركية، ويجهلون غالبا إلي أي فرع ينحدرون وموطن قدومهم وأهم نسبة ترجع إلي القبارصة الذين يمثلون نسبة 1.9 % من التونسيين تليها اليونان حيث يبلغ التونسيين من أصول يونانية نسبة 0.5 % و أخيرا الأرمن بنسبة 0.8%.
* من المفارقات أن الجينات الإسبانية لدي التونسيين هي جينات ضعيفة لا تتجاوز 0.3%، رغم أن الكثير من التونسيين يصرّحون بأن أصولهم أندلسية ، ويرجع ذلك أن الأندلسيين مكونين أيضا من العنصر العربي والعنصر الأمازيغي.
* من أهم مكونات التونسيين العنصر الزنجي والذي يبلغ 6.5 % و لا يعني هذا الرقم أن 6.5 من التونسيين سود البشرة فسكان بعض المدن بالجنوب التونسي سمر يميلون للبياض لكن جينيا يعودون إلي العنصر الزنجي الإفريقي.ومعظم العنصر الزنجي في تونس من إفريقيا الغربية تقريبا جنوب النيجر حاليا بنسبة 4 %، مع وجود نسبة 0.6 % من عنصر الپيقمي، و1% من أصول تعود حاليا إلي مناطق بين السينغال و مالي و 0.9 % من الحبشة.
* الغريب أن نسبة المنحدرين من اللبنانين الأصليين تبلغ 0.5 % من التونسيين فقط وهي حتما تعود للفينيقيين الذين استوطنوا سواحل غرب المتوسط واتخذوا قرطاج عاصمة لهم والتي تتكون حسابيا من 50 ألف تونسي من أصل فينيقي نجو من محرقة قرطاج خلال الحروب البونيقية مع روما.
* أخيرا نجد أن 0،1% من التونسيين يرجع أصولهم إلي شرق آسيا و قد يرجعون إلي دولة بنوخراسان التي حكمت تونس في القرن الحادي عشر


jeudi 24 novembre 2016

تونس أمازيغية


تونس ماهيش لبنان وماهيش قطر ومن لم يرد صعود الجبال يقعد لآخر الدهر بين الحفر
الملاحظ في تونس في السنوات الاخير هو لبننة تونس وقطرنتها كيف ؟ تونس والشعب التونسي وتاريخنا لا هو كمشة تجار سارحين في البحر ولا هو كمشة بدو سارحين بالابل ، مشروع جعل تونس دولة لايت كيما لبنان اربعة ملاين لداخل واربعة ملاين لبرة راس مالهم السياحة والفن والغناء وعروض الازياء والطبخ والماكياج وغيرها ولاهي كيما قطر زوز ملاين راس مالهم خدمات النقل الجوي والفندقة والتسوق واقامة الحفلات والمقابلات الودية العالمية وتنظيم التظاهرات الرياضية تنس وسباق سيارات بالبترودولار، من هذا المنطلق يتم تشليك القطاعات الرئيسية والثقيلة والتي تعتبر عمود فقري لكل دولة في مرحلة البناء الفلاحة والصناعة والبحث العلمي والانتاج المحلي والاستثمار في المعرفة والفكر ، الانسان التونسي من بكري مستقر ومن هذا المنطلق نظرتو للدنيا وللبناء مختلفة عن غيرو ، تونس دولة استقرار موش دولة عبور ، وبالتالي ليوم موش مسموح ما نكونوش ضمن الدول الصاعدة في العالم ، نجمو نحققوا اكتفائنا الذاتي في الغذاء ونتوجهوا للتصدير موش معقول أبسط مثال الجلبانة واللوبيا الخضرا نستوردوا فيها وغيرها من المنتوجات ، نجموا نمشوا خطوة كبيرة في الصناعة ، صناعات غذائية ، تحويلية وشبه ثقيلة ونتوجهوا بيها للتصدير كذلك ، نعطوا قيمة كبيرة للبحث العلمي والانتاج الفكري في السياسة والتخطيط والادب والثقافة والسينما والفنون وبناء شخصية تونسية صلبة موش مهزوزة ومستلبة ومايعة كيما توا ، هذا يكون بالالتفات والتوجه والتنسيق مع شقيقتنا ليبيا ودزاير والمغرب وتقسيم الادوار وتوسيع السوق الاستهلاكية مع بعضنا هذم الي ينفعونا لا خليج ولا تركيا ولا غيرهم ، سيبونا من لغة وشعار تلاقح حضارات وسياحة وبلد التسامح والفرح الدائم والسياحة وسنحاربهم بعروض الازياء والدربوكة والتسول والهبات والقروض الغربية والرهنية والصيرفة الاسلامية وقلوب الرمان متع أردوغان وتعاطف الفرنسيس والامريكان والشعب التونسي جيعان ...

صراع الهوية والانتماء في تونس


اجابة لمن يميع في القضية التونسية ويحاول الهروب الى الامام ويشتكي من أن تونس والتوانسة يضيعون وقتهم في مواضيع هامشية وجانبية متعلقة بالهوية والانتماء عوض التطرق الى مواضيع الاقتصاد والتنمية.
الكثير لا يعرف أن الصراع الذي يدور في تونس هو صراع هوية وانتماء وولاء ، بمعنى تونس لمن تتبع وهذا الصراع تقوده دول لها أطراف محلية عميلة تنفذ مشروعها في تونس ، مشروع تونس العربية التي هي جزء من الوطن العربي المزعوم وهؤلاء تدعمهم مصر والامارات والاردن والسعودية وفرنسا وقطر وتركيا وبريطانيا وامريكا ...
كل هذه الأطراف العميلة لا تؤمن بتونس كدولة مستقلة حرة ذات سيادة بل تعتبرها جزء من اوطان اخرى وكيانات خيالية أخرى كـ (الوطن العربي) و (الخلافة الاسلامية) و (العالم العربي) و (العالم الاسلامي) ولا مستعمرة غربية وبرز هذا الصراع في اعداد الدستور التونسي حيث أصروا على ان تكون تونس جزء من الوطن العربي بينما التونسيين الوطنيين الأحرار عارضوا وقاطعوا هذا الدستور ومازالوا على موقفهم الوطني التونسي الثابت...لان هذا الدستور والتوجه له عواقب وخيمة على الشعب التونسي من حيث بناء الاقتصاد والثقافة والاعلام والتربية والتعليم والامن القومي التونسي بصفة عامة وغيره...فعندما تكون تونس جزء من كيانات اخرى في الدستور فهذا يسمح للدول الاخرى في التدخل في تونس وسيادتها على ترابها الوطني وعلى ثرواتها وفي قرارها وهذا ما يقع للأسف...
إن العميل والمرتزق دائما يوضع لخدمة مصالح دول أخرى وليس لخدمة وطنه وشعبه وعزتهم وكرامتهم مهما رفع من شعارات رنانة يظل العميل عميلاً لا رجاء منه.
اما التونسيون الوطنيون فيطرحون مشروع مغاير معارض لهذان المشروعان وهو مشروع الهوية الأمازيغية التونسية الجامعة لكل التوانسة المستمدة من الأرض التي سقاها الأجداد بدمائهم الزكية ،تونس لا عربية لا إسلامية بل تونس الأصلية والحقيقية للجميع وتحترم الإسلام وكل الثقافات الوافدة ومنفتحة على اللغات الأخرى وتعتز بهويتها الأمازيغية التونسية المتجذرة والمتأصلة عبر التاريخ وتعتز بالانتماء للوطن التونسي ، أي أن تونس هويتها تونسية فقط وليست تابعة أو جزء من احد انما هي دولة كاملة السيادة والاستقلالية ولكن هذا المشروع الوطني المحلي النابع منا وليس له لا مرجعيات فكرية مستوردة ولا رموز غير تونسية غير مدعوم خارجياً لأنه لا يخدم مصلحة أي دولة أجنبية كانت انما يخدم مصلحة التوانسة وتونس فقط.

أهم أحداث الثورة الشعبية في تونس 1864




أهم أحداث الثورة الشعبية في تونس 1864

قادَ علي بن محمد بن غذاهم الماجري ثورة أشعلت البلاد التونسية عام 1864. وعلي بن غذاهم هو زعيم ثوري تونسي مثقف وله نصيب من التعليم الزيتوني لقب بـباي 'الشعب' وهو أبوه محمد يحل النزاعات وطبيب مات مسموما من قبل عامل الجهة المسمى العربي البكوش وينحدر من عرش أولاد مساهل من قبيلة ماجر وهي قبيلة أمازيغية الأصل.و كان السبب المباشر في ظاهره هو مضاعفة ضريبة الإعانة من 36 إلى 72 ريالا تونسيا لأن الباي أراد تغطية المصاريف الباهظة الناتجة عن سوء الإدارة من البايات الاستبداديين و السرقة خاصة من قبل الوزير الفاسد مصطفى خزنه دار وفي باطنه هو التواجد الأجنبي المتمثل في المماليك الذين استحوذوا على السلطة الفعلية في البلاد.فكان شعار الثورة الذي رفعته القبائل الثائرة في البلاد: "كفانا مجبى ومماليك ودستور"
يوم 10 مارس 1864 وردت برقية من جان ماتيي العون القنصلي لفرنسا بصفاقس تفيد اتفاق القبائل عن الامتناع في دفع ضريبة الإعانة. وأرسل القنصل أن القبائل في حالة هيجان وسخط على الحكومة حتى أن أولاد بوغانم و الفراشيش أغاروا على أولاد يحي القاطنين بالقطر الجزائري. انطلقت الثورة من جبال الظهري وامتدت للجريد ومنطقة القيروان وانتشرت غرب الكاف وأدركت في شهر أفريل وادي مجردة.
فـفي أقل من شهر كادت أن تعم الثورة كامل البلاد بعد أن شملت أكثر من ثمانين بالمائة منها. وكثرت السفن المحملة بالبارود الأنڨليزي الآتية من مالطة رغم تحجير دخوله من السلطات الرسمية وكان أفراد العروش يشترونه من التجار اليهود. وكثرت أيضا القوافل المحملة بالبارود والرصاص والبنادق من مڨارين وكربيلات. ولاذ عمال الباي بالفرار واستولى الثوار على مطامير قمحهم.
وفي جلاص قاد الثورة شخص من “دار كبيرة” يقال له السبوعي بن محمد السبوعي وفي رياح قادها بن دحر. وفي الغرب قادها شخص يعرف الكتابة و القراءة وهو علي بن غذاهم الماجري و تحصل على مباركة الزاوية التيجانية اللتي كان لها نفوذ كبير في تلك الأيام. وكان يبلغ هذا الشخص 50 عاما في ذلك العهد وتلقى نصيبا من العلم في جامع الزيتونة.
قبيلته ماجر هي أول من أطلق عليه تسمية باي الشعب قبل أن يمتد نفوذه على القبائل المجاورة كـعيّار والفراشيش وونيفة حتى صار الزعيم الأعلى للثوار وهو المفجر الأول للثورة. ولكم مقتطفات من بعض البرقيات من القنصل الفرنسي:
”أما بجهة صفاقس فإن المحلة اللتي يقودها سي سليم قد طوقها الثوار… وعلى الحدود التونسية الطرابلسية دارت معركة بين قبيلتي النوايل وورغمة أسفرت عن سقوط 1300 بين قتيل وجريح… ومازالت قطعان الماشية الخاصة بالباي تتعرض للنهب… ومازال الإيالة في حالة غليان… ولم تسلم الضواحي القريبة من الحاضرة التونسية إذ أغار الثوار على ضيعة لخزنه دار فبددّوا ما بها وهذا ما حصل لقصر أحد الجنرالات على معنى الإنتقام منه لأنه أمر بقمع الثورة الشعبية.”
ورجع أغلب العمال إلى قصر باردو فقد حالفهم الحظ في الإفلات من الموت المحتم باستثناء الجنرال فرحات عامل الكاف وأولاد ونيفة الذي قتل في معركة بين تبرسق و الكاف دارت بينه و بين الثوار في 16 أفريل. وفي 20 أفريل استولى الثوار على القيروان. وأما في منطقة الساحل فقد امتدت الثورة للبوادي والقرى وبدأ سكانها في مناوشة المدن حتى أن سوسة اللتي كان بها 5 آلاف عسكري أصبح بها مائتين لاذوا بالفرار. أما المهدية فسلبت في 25 أفريل لأنها بلا سور. وأمام هذه الحالة فقد استدعى الباي وجماعته 3 آلاف من العسكر النظامي المتقاعد اللذين قال في حقهم براودلي: ”انهم أقدر على زرد الصوف منهم على الوقوف في وجه أهل البادية التونسية البواسل. وللحد من روع البلاد أصدر الباي منشورا يجري العمل به مؤقتا في 21 أفريل يقتضي بإلغاء ضريبة المجبى ويوقف العمل بما جاء به عهد الأمان. فيما أرسل الفرنسيون والأنڨليز والإيطاليون سفنا حربية لسواحل الإيالة التونسية لإنقاذ وحراسة الأوربيين. ولاذ بالفرار عدد كبير من الأوربيين معهم عدد آخر من الأتراك من الموظفين محملين بأموال كثيرة مسروقة من الايالة نذكر منهم القائد نسيم وهو القابض العام للحكومة التونسية بعد أن سرق 20 مليون ريال.
وفي شهر ماي أصاب الثورة شيء من الركود ولكن كثر التعصب الديني والكراهية للأجانب والمسيحيين وحتى ضد الأتراك رغم أنهم مسلمون. وفي المدن الساحلية تحركت جموع من الغاضبين نحو الأحياء المسيحية فأمعنوا في سلبها ورفضوا سلطة الباي عليهم في خوف منهم لنزول الجيوش الأوربية. فـنـُهـِبت صفاقس في 30 أفريل وهرب الأوربيون الى سفنهم ورفع الثوار فيها علمهم الأخضر ونادوا بسقوط الباي ونظامه وأهانوا مبعوثه وهددوه بالقتل.
كما أملى البعض من الثوار على أنفسهم جملة من التدابير لإنهاء الثورة وهي إعلان العفو العام والشامل لكل من شارك في العصيان وخفض أداء العشر لنصف مقداره وتسمية عمال من أبناء البلد عوض المماليك أي العبيد اللذين يؤتى بهم من أوربا الشرقية بعد تعليمهم وادخالهم في صلب جهاز الادارة. وإبطال العمل بالدستور وإلغاء المحاكم اللتي انتصبت سنة 1861 إلغاءا نهائيا.
وفي هذه الفترة كان الباي يحضر لتشكيل جيش. لكن المجندين القدم رفضوا الإنظمام لقاء الأجر الزهيد أما المجندون الجدد فكانوا يلوذون بالفرار مدججين بأسلحة الباي فلم يكن تحصيل شيء خاصة من منطقة الساحل اللتي كانت تساهم بالعدد الأوفر من الحصة العسكرية. والألوية الثالثة والرابعة فرت عن بكرة أبيها حسبما قال الكميدان ريتشي لم يبقى للباي سوى ألفي جندي.
وفي أواخر جوان استطاع الباي تجميع أربعة ألاف جندي من العسكر غير النظامي يقودهم صهر الباي الجنرال اسماعيل السنّسي إلا أن هذه المحلّة ذهبت كأمس الدابر جراء الفرار. وأكد دوبوفال في رسالة موجهة إلى دوروين دولوي في 23 جويلية 1864 أن المحلة لم تستطع اجتياز 13 ميلا غرب الحاضرة تونس فانخفض عددها من 4000 إلى 2000 فلم تعد تشكل تهديدا لأحد. بيد أن السنسي صار ببطء إلى ان وصل الى باجة في أواخر جويلية لكن بعد أن عانى الأمريـْن من الثوار اللذين نهبوا قوافل هذه المحلة. غير أن بن غذاهم الذي أحس بأفول نجمه رفض الآمان الذي عرض عليه.
ففي 26 جويلية 1864 حضر عدد من المشائخ والأعيان لتقديم فروض الطاعة بإسم 14 عرشا من عروش الشمال الغربي مشترطين فقط خفض المجبى لعشرة ريالات وحط النصف من أداء العشر.وقد بادر إلياس مصلي بـإعلان دوبوفال قنصل فرنسا يوم 28 جويلية 1864 أن أربعة عشر عرشا جنحت للسلام وأن بن غذاهم انقلب إلى أهله في ماجر. بيد أن القنصل لم يشأ أن يصدق الأنباء وأخبر دوروين دولوي أن الثورة مازالت في عنفوانها وأن صفوفهم التحمت وبن غذاهم اللتي اتهمته حكومة الباي ببيع ذمته ما زال على رأس الثوار والدليل هو اهتمامه بعقد اجتماع في القيروان مع ثلة من قادة العروش. إلا أن سفيرا أنڨلترا وإيطاليا أعلنا انتهاء الثورة.
لكن خزنه دار لم يهنأ له بال إلا إذا أدب الثوار فتوجه نحو الساحل لجمع محلة إلا أن العسكر القدامى تجمعوا في الحاضرة معلنين غضبهم فرجع خزنه دار لتونس فجمع منها ومن ضواحيها جماعة من الرعاع وأسماهم عسكر زواوة. وكان سكان العاصمة يتوقعون من كل شر ويخافون من سلوكهم العنيف. وكانت المحلة تتكون من 2600 رجل تساندها ثمانية مدافع تحت قيادة الجنرال أحمد زروق الذي هو صنيعة خزنه دار. فأخذت بالسير ببطء منذ أوائل سبتمبر نحو سوسة حتى أنها قضت قرابة الشهر لتسلك المسافة بين حمام الأنف وهرڨلة رغم أنها لا تزيد عن التسعين ميلا. ولم تواجه قتالا طوال هذه المدة.
بيد أن قدوم المحلة زاد الطين بلة فـانظم أهالي القرى الى الثوار ومن جملتهم المساكنية اللذين هجموا على سوسة فأطلق عليهم النار وقذائف المدافع. وكان الثوار يسدون الحنايا اللتي تأتي لسوسة بالماء ويضربون السور كل ليلة ومن حين لآخر تطلق عليهم قذيفة مدفعية تبدد جموعهم. ولم يمنع الحصار خروج السكان لقضاء مآربهم و دام الحال 15 يوما فملّ الجانبان من هذه الحرب الضيقة فـتوحد أهالي القرى الكائنة بمنطقة الساحل وتركوا الشجارات خلفهم إثر شعورهم بقرب قدوم المحلة.واستنجدت هذه الأخيرة بالمثاليث للتنكيل بأهل القلعة الكبرى اللذين أبوا الانضمام للثورة.
وليحمي الجنرال زروق القلعة الكبرى خرج من هرڨلة يوم 5 أكتوبر فما لبث أسبوعا حتى تصادم مع جماعة من القلعة الصغرى فهزمهم دون عناء و لحق بهم إلى قريتهم فأمسكهم وأباح نهب القرية بعد أن افتكها عنوة. ومع أن شـِقّ العـُصاة المناصر لتلك القرية يعد 5000 مقاتل ولديه بعض قطع المدفعية إلى أن الجنرال زروق لم يشأ في النزال. وذلك لأن المساكنية أسرعوا إلى قريتهم لحمايتهم مبجلينها على حلفائهم. ومن الغد أقبل الجميع وحدانا وزرافات طالبين للأمان واقتدت بهم عدة قرى. وأمكن للجنرال زروق دخول سوسة دخول الفاتحين الغزاة يجر ورائه أسراه مكبلين بالسلاسل و الأغلال وجاب كامل المنطقة فنزع السلاح بالقوة وتجبر على العزل ونفذ جرائمه المشهورة في الساحل.
وبعد سقوط منطقة الساحل فلقد بدأ الباي بحملة الزجر لإرجاع الأمور إلى نصابها فظلت هذه الحملة مدة فصل الخريف وجانبا من الشتاء بين 1864-1865. فبعث الباي محلة بها 4000 آلاف جندي وذلك لأن علي بن غذاهم أراد إشعال الثورة من جديد فجمع عددا كبيرا من انصاره من عدة عروش يناهز عددهم 4000 مقاتل وهاجموا عرش جلاص اللذي استنجد بالباي. ورغم إعلان العفو عن الثوار إلاّ أن بن دحر وهو قائد رياح سلمه أحد شيوخ الزوايا فضربه حرس الباي بعصا ألف مرة، ونساء القصر تنظرن إليه من الشرفات و تظهرن الشماتة له ومن ثم ألقي في السجن شبه حي.
وفي أوائل جانفي دارت معركة قرب تبسة بين أنصار علي بن غذاهم وقوات محلتيـْن اندمجتا ببعضهما منظمة اليهم قبيلة جلاص اللتي تريد الأخذ بثأرها. لكن الثوار دخلوا إلى التراب الجزائري آمنين؛ وأما قوات الباي فمنعتها القوات الفرنسية من الدخول .
وبإذن من الجنرال د يماك ماهون فرضت الإقامة على بن غذاهم وأخيه عبد النبي مع عائلتهما أولا بقسنطينة ثم في قبيلة أولاد عبد النور اللتي لبثوا فيها حتى 1866. فيما كان قائد المحلة المسمى الجنرال رستم ينفذ عملياته العسكرية في غرب البلاد و يحكم بالإعدام على العصاة ويصادر المكاسب ويجمع الأموال. فقد أذاق الجنرال زروق سكان الساحل ألوانا من العذاب لازال يذكرها سكان المنطقة إلى يومنا هذا منها الضرب المبرح بالعصي والإعدام والتقييد بالسلاسل والأغلال. وفرض هذا الجنرال غرامات فادحة لا تفرضها حكومة على رعاياها بل يفرضها الغالب على المغلوب في الحرب. جنى موظفو الدولة من جهة الساحل 5 ملايين ريال وضعوها في جيوبهم و 23 مليون ريال لخزينة الدولة. فطهّر الجنرال زروق المنطقة فأقفرت وجفت مواردها فمن أسرف في الحلب حلب الدماء. وفي شهر أفريل سنة 1865 بعث 300 من الشيوخ والأعيان وفي رقابهم السلاسل وعذبوا في القصر كالعادة أمام النساء.
ولكن في جويلية من 1865 استأنفت الاشتباكات بحدة أكبر من ذي قبل وانطلقت على الحدود التونسية الجزائرية. ولكن الحكومة التونسية لم تتخذ أي إجراء واتهم كاهية الكاف سي صالح بن محمد فرنسا بإثارة الشغب. كانت حكومة الباي وقتها تمقت فرنسا وبدأت معها في سياسة الوخز فأطلقت يد العصاة على الجالية الفرنسية ولم تعوض الفرنسيين عن الأذى الحاصل لهم في محاولة يائسة للحد من النفوذ الفرنسي وتقليص تدويل الأزمة التونسية. ولكن بعد إرسال التهديدات للباي باحتلال الإيالة تراجع هذا الأخير ودفع 400 ألف فرنك لتعويض الفرنسيين في الثورة فـسلـّمت بذلك الحكومة الفرنسية علي بن غذاهم بعد أن قبضت عليه وهو متحصن في الجزائر ويمهد للعودة مجددا وكان ذلك في فيفري من سنة 1866 ومات تحت التعذيب والتنكيل بسجن حلق الوادي في 10 أكتوبر سنة 1867 فكانت النتيجة تمكن قوات حكم البايات و بمساعدة من الأوروبيين من إخماد ثورة تونس سنة 1866 بعد القبض على قائدها الثوري علي بن غذاهم

الإقصاء السياسي للأمازيغية


فما معنى الإقصاء السياسي للأمازيغية ؟
معناه أن السلطة السياسية للدول المغاربية الشمال افريقية تمارس السلطة ، ليس باسم الانتماء الأمازيغي، أي انتماء هذه الدول إلى موطنها بشمال إفريقيا، بل تمارس باسم الانتماء “العربي”، على اعتبار أن هذه الدول ، ومنذ هذا التاريخ، دول “عربية”. وهو ما يعني إقصاءً سياسيا ـ وقبل أن يكون إقصاء لغويا وثقافيا وهوياتيا ـ للأمازيغية التي لم يعد لها وجود سياسي، لأنها لا تملك سلطة سياسية بعد أن أصبحت هذه الأخيرة تمارس ـ كما قلت ـ باسم العروبة العرقية المتسلحة بالمقدس الديني وليس باسم الأمازيغية الإفريقية. فإذا كان للأمازيغيين، اليوم، وجود لغوي وثقافي وهوياتي وتاريخي، إلا أنهم لا يملكون وجودا سياسيا لأنهم لا يملكون دولة منذ أن أصبحت دول شمال افريقيا ، دولا “عربية”، أي دول العرب، بالمعنى العرقي، وليس الجغرافي والترابي. والنتيجة أنه إذا كانت الأمازيغية ـ والأمازيغيون طبعا ـ قد حصلت اليوم على اعتراف لغوي وثقافي وهوياتي وتاريخي، إلا أنها لا زالت تعيش، ومنذ بدايات القرن الماضي ، الإقصاء السياسي، الذي هو مصدر وأصل كل الإقصاءات الفرعية الأخرى، كالإقصاء اللغوي والثقافي والهوياتي والتاريخي كما سبقت الإشارة.
هذا هو المضمون السياسي الحقيقي للقضية الأمازيغية.
فإذا كانت الحركة الأمازيغية لا تكلّ من ترديد أن الأمازيغية قضية سياسية، إلا أنها تحصر هذا المضمون السياسي في ضرورة القرار السياسي الذي على الدول “العربية” اتخاذه لصالح الأمازيغية. وهذا اعتراف وتسليم بالإقصاء السياسي للأمازيغية من الامازيغيين نفسهم التي تحتاج إلى قرار سياسي “عربي”، أي أجنبي عنها، في الوقت الذي كان ينبغي أن تكون هي صاحبة هذا القرار السياسي، باعتبار بلدان شمال افريقيا بلدان أمازيغية إفريقية يجب أن تتخذ فيه القرارات السياسية باسم هذا الانتماء الأمازيغي الإفريقي. فكل القرارات السياسية التي تصدرها الدول “العربية” لفائدة الأمازيغية، هي إذن تأكيد وتأييد للإقصاء السياسي لهذه الأخيرة.
ولهذا فإن الاعتراف الرسمي بالأمازيغية، كلغة وكثقافة وكهوية وكتاريخ، لن يضع حدا لحالة الإقصاء السياسي للامازيغية، مع الإقرار أن هذا الاعتراف مفيد للأمازيغية كـ”سياسة بربرية” جديدة، تهدف ليس إلى رفع الإقصاء السياسي عنها، بل إلى جعلها تتقبل هذا الإقصاء وتتعايش معه، على غرار “السياسة البربرية” القديمة لفرنسا، والتي كانت تهدف ليس إلى جعل الأمازيغية هوية للدولة، بل إلى إدماج الأمازيغيين والأمازيغية في الدولة “العربية” الجديدة التي خلقتها فرنسا. وما جعل هذه “السياسة البربرية” الجديدة حلا مناسبا للقضية الأمازيغية تبنته وطبّقته الدولة، هو أن مطالب الحركة الأمازيغية، في شكلها الحالي، وخصوصا المتعلقة منها باللغة والثقافة والهوية، هي مطالب عادة ما ترفعها الأقليات الإثنية عندما تطالب، من سلطات البلد الذي تعيش فيه، الاعتراف بحقوقها اللغوية والثقافية والهوياتية. وهذا ما يفسر أن الدول “العربية” بشمال افريقيا بدأت تستجيب للمطالب الأمازيغية، التي تخص اللغة والثقافة والهوية، لأنها لا تمس بالثوابت العروبية لهذه الدول “العربية” بشمال افريقيا، ما دام أنها لا تطالب بتمزيغ هذه الدول لتكون دولا أمازيغية بثوابت هوياتية أمازيغية، تمارس فيها السلطة السياسية باسم الانتماء إلى الأرض الأمازيغية الإفريقية.
كل هذا يطرح مسألة الأولويات في مطالب الحركة الأمازيغية، التي لم تحدد، إلى الآن، ما هو المطلب الأول والأساسي الذي يجب أن يسبق المطالب الأخرى. فهي عندما كانت تطالب بدسترة الأمازيغية، لم تدرك أن الاعتراف ـ وهذا ما هو حاصل بعد الترسيم الدستوري للغة والهوية الأمازيغيتين ـ باللغة والهوية الأمازيغيتين في الدستور، لن يغيّر شيئا من وضع الإقصاء السياسي للأمازيغية، ما دام أن هذا الاعتراف يجري في إطار دول “عربية”. وهو ما يترتب عنه استمرار الإقصاء السياسي للأمازيغية التي تبقى دائما موضوعا لقرار سياسي “عربي” بدل أن تكون هي صاحبة هذا القرار السياسي، لو كانت السلطة السياسية تمارس باسم الانتماء الأمازيغي الإفريقي على اعتبار أن دول شمال افريقيا دول أمازيغية، بالمفهوم الترابي الهوياتي.
فكما نلاحظ، لن يؤدي إذن تحقيق هذه المطالب الأمازيغية، على فرض الاستجابة الكاملة لها، إلى إنهاء الإقصاء السياسي للأمازيغية، والذي هو مصدر وأصل ما ظلت تعاني منه من تهميش وتحقير وعداء. هذا المأزق الذي تؤدي إليه مطالب الحركة الأمازيغية، في شكلها الحالي، راجع إلى انطلاقها ضمنيا من سؤال: “ما العمل لتحقيق المطالب الأمازيغية ؟”، وهو سؤال ينصب على الوسائل التي تتحقق بها هذه المطالب. وهنا مكمن الخطأ، لأن سؤال “ما العمل ؟”، المتعلق بالوسائل، لا فائدة منه ولا معنى له ما لم يسبقه سؤال “ماذا نريد ؟” المتعلق بالغايات. وهو السؤال الذي لا زالت لم تطرحه بعدُ الحركة الأمازيغية، وبشكل واضح وصريح ودقيق ومحدد. ولأن هذا السؤال لم يطرح بعدُ، فإن الحركة الأمازيغية تناضل وتطالب دون أن تعرف بالضبط ماذا تريد، ولا أين تروم الوصول، ولا أين سينتهي نضالها، ولا أين ستقف مطالبها. وهذا ما يفسر أنها تطالب بكل شيء ولا شيء في نفس الوقت: فما دام أن كل مطالبها، وعلى كثرتها وتنوعها، وحتى لو تحققت، لن تقضي أبدا على الإقصاء السياسي الذي هو أصل كل مشاكل الأمازيغية والأمازيغيين، كما سبق شرح ذلك، فالنتيجة أن الحركة الأمازيغية تتصرف من خلال مطالبها، بشكلها الحالي، كما أنها لم تطالب بعدُ بأي شيء لصالح الأمازيغية، أي لم تطالب بعدُ بوضع حدّ للإقصاء السياسي الذي هو سبب كل الإقصاءات الأخرى التي ليست إلا فرعا ونتيجة لهذا الإقصاء السياسي كما سبقت الإشارة.
فالسؤال، إذن، الذي كان على الحركة الأمازيغية طرحه، والذي له علاقة بالمشكل الحقيقي والأول للأمازيغية، والذي هو الإقصاء السياسي، كما شرحنا معناه، (هذا السؤال) هو: “ما ذا نريد؟”. والجواب سيكون، ارتباطا بالإقصاء السياسي للأمازيغية، هو: “نريد دولة أمازيغية”، ليس بالمعنى العرقي وإنما بالمعنى الهوياتي الترابي والجغرافي، أي دولة تمارس فيها السلطة باسم الانتماء، ليس إلى العرق الأمازيغي كما في ظل الدولة “العربية”، بل إلى الأرض الأمازيغية ، أي أرض شمال إفريقيا، كما هو حال جميع الدول والشعوب التي تكتسب هويتها من هوية موطنها وحوضها الجغرافي والحضاري.
الأمر يتعلق هنا تحديدا بالهوية الأمازيغية الإفريقية للشعب وللدولة الممثلة لذلك الشعب. أما ما يتعلق بالأفراد، فإن لكل واحد الحق في أن يدعي أنه ينحدر من الأصول العرقية التي يريدها ويختارها، عربية أو يهودية أو فينيقية أو رومانية أو نيجيرية أو أندلسية أو إغريقية… لأن تنوع هذه الأصول العرقية، الحقيقية أو المفترضة وهو الصحيح في غالبها ، لا تأثير له على وحدة الهوية التي تمثلها وحدة الأرض ويضبطها مجال الامن القومي لاي كيان. ولهذا إذا كان المغاربة الشمال افريقيين مختلفين، كأفراد، في انتماءاتهم إلى أصول عرقية متنوعة ومتعددة، مفترضة في اكثرها ومنتحلة في الغالب منها، فإنهم متفقون في انتمائهم جميعا إلى أصل واحد، وهو موطنهم بشمال إفريقيا والولاء له وحده ، والذي يشكّل هويتهم ـ وليس أصلهم العرقي ـ الجماعية ـ وليس الفردية ـ كشعب وأمة ودولة حرة ومستقلة . لقد وقع المغاربة الشمال افريقيون، مقتدين في ذلك بدولهم التي انغمست في رذيلة “الشذوذ الجنسي” عندما غيّرت جنسها الأمازيغي الإفريقي بجنس عربي أسيوي، (وقعوا) ضحية أسوأ استلاب وأقبح تضليل لما أصبحوا يتباهون بأنسابهم وأصولهم العرقية، المنتحلة والمفترضة في الغالب الأعم، ويحتقرون انتماءهم الترابي الحقيقي الذي به تتفاخر الشعوب والدول التي تخلصت من إيديولوجيات الاستلاب والتضليل والخنوع والخضوع.
وعندما تحدد الحركة الأمازيغية بوضوح الغاية التي تناضل من أجلها، والتي هي إقامة دولة أمازيغية كأولى أولوياتها، وبالمعنى الهوياتي الجماعي، الترابي والجغرافي والحضاري، والذي يخص الشعب والدولة وليس الأفراد في حد ذاتهم، والتي (الدولة) هي الشرط الواقف لوضع حد نهائي للإقصاء السياسي للأمازيغية والأمازيغيين، فإن هذه الغاية الجديدة تستلزم إعادة النظر في سبل ومنهجية نضال هذه الحركة حتى يكون هذا النضال متلائما مع الغاية التي هي الدولة الأمازيغية، أي الدولة التي تمارس سلطتها السياسية باسم الانتماء إلى موطنها بشمال إفريقيا. وهنا يجدر التوضيح والتدقيق أن هذه الدولة ليست شيئا جديدا سيخلق من عدم، بل هي هذه الدولة المغاربية الشمال افريقية القائمة والحالية، لكن مع تمزيغ هويتها حتى تكون منسجمة مع هوية موطنها ترابيا وجغرافيا ، كما هو شأن كل الدول والشعوب، الحرة والمستقلة، التي تستمد هويتها الوطنية الجماعية ـ وليس الفردية ـ من أرضها وموطنها.
إن اعادة النظر في سبل ومنهجية نضال الحركة الأمازيغية، يتطلب إذن استراتيجية جديدة تفرض على هذه الحركة الامازيغية القطع مع أشكال نضالها السابق، مع مراجعة نقدية، وبشكل جذري.
مقال بعنوان في الإقصاء السياسي للأمازيغية
بقلم: الدكتور محمد بودهان