vendredi 22 août 2014

الصراع السياسي في شمال افريقيا

كان شمال افريقيا اقليم المفارقات ولازال التساؤل المستمر عن مضمون ميراثه التاريخي ونزوعه نحو الانقسامية تارة والالتحامية تارة اخرى وعن مدى اعتبار هذا الميراث التاريخي مولدا لمجتمع واحد متجانس ومتماسك وبالتالي مجالا لتاسيس وحدة اقليمية مستقلة ذات سيادة.

لقد عرف شمال افريقيا القديم وبشكل دائم اضافة الى مناطق خاضعة للحكم المركزي والى اخرى وسيطة تسكنها قبائل مخضعة مناطق تسكنها قبائل دائمة التمرد كانت تشكل تهديدا مباشرا للحكم المركزي وتصل الى حد الاستيلاء على الدولة وبناء دولة اخرى بديلا عنها.وقد بالغ كثيرا الاستعمار الغربي في بناء نظرية الانصاف الشهيرة التي تعتبر ان النظام الاجتماعي الامازيغي كان يقوم اساسا على ماسسة التضاد بين وحداته الاجتماعية القبائل الامازيغية التي تبقى في حالة صراع دائم بحيث ينفي بعضها البعض الاخر بواسطة لعبة الاحلاف ولا شك ان ترويج هذه النظرية يؤدي الى نفي وجود دولة وبالتالي يرمي الى تبرير احتلال شمال افريقيا بلاد الامازيغ واستعمارها بحجة القضاء على الفوضى فيها ووضع حد للصراعات فيما بينها وهو نفس الدور الذي اضطلعت به حكومات الاستقلال في شمال افريقيا وفق هذه النظرية لتبرير القمع والاستبداد والانفراد بالحكم خدمة لصالح الاستعمار.
ولكن من الملفت والمهم جدا اعتماد التفسير الذي اعطاه الدكتور عبد الباقي الهرماسي لمسالة ظهور المركز السياسي ومفاده انه بالرغم من الانقسامية السياسية ووجود وحدات اجتماعية مستقلة وهي القبائل فان ذلك لم يكن يتعارض مع النزوع نحو مركزة الحكم والتضامن بفعل الاخطار الخارجية والوقوف على ارضية معيارية واحدة تجاه العدو الخارجي للتلاقي في شكل تكاملي حول وحدة اجتماعية لمختلف المجموعات قبائل او كنفيدراليات.
الا انه من الثابت ايضا ان شمال افريقيا كان يشهد حركات انقسامية-التحامية تؤدي الى انفصال بعض القبائل عن السلطة المركزية والتحامها مجددا فيما بينها لتنشئ دولة جديدة كدولة المرابطين مثلا او دولة الموحدين او دولة الحفصيين وهذا ما عرفته الخلافة الاموية ولم تنج منه الدولة العباسية بعد قرن من تاسيسها في بداية مرحلة ضعفها حيث اخذت الدول المستقلة تظهر في بلاد المغرب حول قبيلة معينة تلعب دورا مهما في قيام الدولة نظرا لدرجة التحامها العالية ثم لا تلبث هذه القبيلة ان تنهار وتنجح قبيلة اخرى تتوفر لها ذات المميزات في القضاء على الدولة وتاسيس دولة جديدة ذات سلطة مركزية.
وهي الحقيقة كما يؤكدها الدكتور سعد الدين ابراهيم ان الانقسامية والالتحامية لا يفارقان الحركية الاجتماعية في شمال افريقيا وليس الانقسامية وحدها كانتا وجهين متلازمين للوجود الاجتماعي الامازيغي.وكان التفاعل بين عوامل الانقسام والالتحام يمثل جدلية العلاقة بين السلطة السياسية والمجتمع أو بمفاهيمنا العصرية بين السلطة السياسية والمعارضة من احزاب ومنظمات وجمعيات اي بين السلطة والمجتمع المدني في صيغته الحديثة.
ان جميع الحركات الانقسامية والالتحامية التي ظهرت بشمال افريقيا عبر التاريخ دائما ما اعتبرت نفسها كما اعتبرها الاهالي مجرد حركات داخلية أو أهلية أصيلة ولم تكن في ذهن معاصريها بأجنبية ولا دخيلة أو متطفلة وهي ظرفية حتمية لكل منطقة يحتد فيها التنافس الداخلي الذي غالبا ما تقوده دوافع سياسية واقتصادية تقف وراء كل عمل وحدوي وتحركه من الداخل وتدفع به الى الصراع من أجل البقاء والاستمرار والتطور بل هي عامل صحي يدل على النضج السياسي للمجتمع الامازيغي وجنوحه دائما نحو التغيير لا القبول بالاستبداد والتملك وهي علاقة بين السلطة والمجتمع تمثل خصوصية شمال افريقيا فكانت عامل انكسار للغزاة والمستعمرين المتجبرين أعداء الديمقراطية والحرية والتغيير.

وحدة شمال افريقيا

مثلت شمال افريقيا تمازغا ولا تزال وستبقى وحدة طبيعية ورقعة جغرافية متشابهة الخصائص والمناخ ووحدة تاريخية في بناء الحضارات ومقاومة الأعداء ووحدة ثقافية متجانسة في بناء الفكر وتأسيس المنهج.
فشمال افريقيا وحدة ترابية متصلة ببعضها تقع في جزء واحد وفي قارة واحدة وسكانها ينتمون في أغلبيتهم الساحقة الى جنس واحد هو الأمازيغي مع الاشارة الى وجود أقليات من الأجناس الأخرى شاء التاريخ أن تستقر في شمال افريقيا كغيرها من الرقع الجغرافية في العالم ويدينون بدين واحد هو الدين الاسلامي ويتبعون في أغلبيتهم مذهب واحد هو المذهب المالكي المغاربي الى جانب المذهب الاباضي الذي يتبعه أقلية من سكان شمال افريقيا ويتكلمون لغة واحدة هي اللغة الأمازيغية ومنها الدارجة المغاربية المعربة...فلا غرور اذا قلنا أنه لا يوجد شعب يمثل هذه العوامل الموحدة مجتمعة مما مكن هذا النجاح للأمة الأمازيغية من مصارعة المحتلين والوقوف في وجوه الغزاة والمستعمرين الذين تعاقبوا على أرضه والذين حاولوا جاهدين كسر وحدته والقضاء على وجوده ومحاولة اقامة الحدود المصطنعة بين أبناء الشعب الواحد واتباع سياسات مختلفة وخلق المشاكل وبعث أسباب الفرقة والاختلاف.
ولقد استطاعت الشخصية الأمازيغية الشمال افريقية أن تقف في وجه كل هذه المحاولات الماكرة والمخططات الخبيثة بكل تحد وجرأة وحماس ضد دعاة التعريب والتغريب الذين يعملون من أجل التفتيت والتشتيت فكانت شخصية ذات طاقة عجيبة في الثبات أمام الصعاب متحدة في قوتها لتنتهي في الأخير الى ادماج أعدائها فيها وغمرهم بطابعها الثقافي ومنزعها الأخلاقي فحفظت بذلك تبلورها القومي وكيانها الشامخ في وجه كل غاصب مؤكدة أن سكان شمال افريقيا تمازغا لهم مقومات قوية وقيم مثلى وأخلاق وطنية وحضارة عريقة وأن أمر الوحدة مستقر في نفوسهم ثابت في عقولهم تجري بها دمائهم المشتركة ويسري بها ايمانهم المتوهج ويحفل بها ماضيهم البعيد والقريب وتاريخهم المجيد.
لقد بدأت المطالبة بشمال افريقي موحد في العصر الحديث منذ مطلع القرن العشرين زمن الاستعمار فتأسس حزب نجم شمال افريقيا بمؤسسين من تونس والجزائر والمغرب رافعين شعار الاستقلال ووحدة شمال افريقيا معا ثم انعقد مؤتمر طنجة في الخمسينات الا أن الأمر بقي في حدود الطلب والأمنية والحلم والأمل والطموح وسط محاولات لم يكتب لها النجاح المأمول اذ بقيت هذه الوحدة أملا شعبيا معلقا على الدوام بعيد كل البعد عن الواقع ومجرد فكرة يتحدث عنها رؤساء البلدان الشمال افريقية الفاقدين لكل ارادة سياسية من أجل عمل وحدوي شمال افريقي لأنه ينصبهم الأعداء للسهر على مصالحه والحفاظ على ارثه الاستعماري في شمال افريقيا باثارة النزعة القطرية والانزواء وقتل كل شعور أمازيغي شمال افريقي باختلاق نزاعات جهوية لمزيد الدفع للتشتيت والتفتيت وبث البغضاء والكراهية بين أبناء الشعب الواحد والأمة الواحدة أو تأتي في الخطب والبيانات الجوفاء أو تتضمنها الدساتير والعهود الشكلية.

الاختلاف في الاسلام؟

لقد نزل القرآن الكريم بلسان عربي ولا أحد يجادل في ذلك حيث بكل بساطة أن الذي اختير لحمل الرسالة السماوية عربي اللسان. كما أن الرسالات السماوية الأخرى أتت بلغات أخرى مراعاة للمخاطب أي حامل الرسالة. اضافة الى أن اللغة العربية ليست اللغة الوحيدة التي حملت رسالة سماوية فاللغة الأمازيغية ساهمت في نشر تعاليم الدين الاسلامي في كل من الأندلس والصحراء الافريقية و هذا لا يعني أيضا أن المسلم لا يصح إسلامه إلا بهذه اللغة أي لغة النزول.لأن هدف هذه الرسالات كلها في نهاية المطاف هو بناء إنسان صالح و ذلك بغرس القيم و الأخلاق و التعاليم الدينية التي تحملها هذه الرسالات.و على هذا الأساس،فإن هذه القيم يمكن تبليغها بأي لغة و الكل يدرك و يعي أن إسلام الشخص يصبح واقعا بإعلانه عن الشهادتين، لأن إسلامه لا يتطلب لغة، لكن الحسب علماء الإسلام الشهادة تتطلب النطق باللغة العربية ولو يكون ذلك بشكل متلعثم. و الله تعالى يقول : يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْر/ سورة البقرة?: الآية185َ
حيث ينص القرآن الكريم في العديد من آياته المحكمات على أن الحكمة الإلهية اقتضت أن يختلف الناس في كل شيء كما يدعو إلى الإعتصام بحبل الله. يقول تعالى : وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ/الآية 103 من سورة آل عمران
كما أن الاختلاف يتجلى في الرأي و اللغة و الثقافة وفي شتى الميادين كما نجد أيضا الاختلاف قائما منذ وجود الإنسان إلى يومنا هذا. فقد اختلف المسلمون في أزهى عصور الإسلام اختلافا شديدا ، و أول اختلاف تزامن مع وفاة النبي عليه الصلاة و السلام مباشرة، بين المهاجرين و الأنصار. حيث يقول تعالى:وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ/سورة هود آية رقم 118. لذا شاء الله ألا يكون الناس أمة واحدة ، فكان من مقتضى هذا أن يكونوا مختلفين. و قوله تعالى :يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير/ سورة الحجرات الآية 13 لذا فالغاية من هذا الاختلاف كله ليس التناحر و الخصام و إنما هي التعارف و الوئام.
أيضا نجد قوله تعالى : وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ/ سورة الروم: الآية22 .
ويظهر من خلال هذه الآية الكريمة أن الحكمة الإلهية اقتضت أن يخلق الناس مختلفين لكل منهم طريق يسلكه و منهج يتبعه و لكل منهم لغة وثقافة معينة ، فلو شاء الله لجعل الناس أمة واحدة و لجمعهم على لسان واحد و وحيد كما في الآية السالفة، لأنه لا طعم للحياة لو كانت قائمة على الائتلاف و عدم الاختلاف ، لذا فحكمته تعالى قضت أن يكون التنوع في كل ما خلق و ما يؤكد أكثر أن القرآن مع التعدد و الإختلاف ورود مجموعة من الألفاظ الفارسية و الهندية والنبطية والاغريقية والأمازيغية في القرآن الكريم.
ووقف عند آيات قرآنية واعتبر بعض الألفاظ أمازيغية،وأرجع ذلك إلى الاختلاط اللغوي بين العربية واللغات الأخرى التي عاصرتها وامتزجت بها وأورد مصطلحات مثل، المهل والأب وآنية وقنطار: في قوله تعالى : وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا». وقوله تعالى : «و فاكهة و أب». وقوله تعالى : «من عين آنية.» وقوله تعالى : «إلا أن يوذن لكم إلى طعام غير ناظرين إنا» وقوله تعالى: « زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ.
وكذلك بالسنة النبوية باعتبارها المصدر الثاني للعقيدة الإسلامية بعد القرآن الكريم،يتضح أن معظم  الأحاديث النبوية التي صدرت عن الرسول صلى الله عليه و سلم في ما يخص التعدد اللغوي و الثقافي كانت خير دليل. يقول النبي عليه الصلاة و السلام: «ما من أحد إلا و سيكلمه ربه ليس بينه و بينه ترجمان».
و قال أيضا : «يا أيها الناس إن ربكم واحد و إن أباكم واحد و إن دينكم و احد و أن العربية ليست لكم أما و أبا ، كلكم لآدم و آدم من تراب، لا فضل لأحد إلا بتقوى الله». كما نجده في خطبته صلى الله عليه و سلم المشهورة يقول : «أيها الناس ألا إن ربكم واحد و أن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي و لا لعجمي على عربي، و لا أسود على أحمر و لا أحمر على أسود إلا بالتقوى» . وبذلك يتبين أن أحاديث كثيرة كلها تدل على أن معيار و مقياس التفاضل بين الناس عند الله سبحانه و تعالى هو التقوى و ليس اللسان أو اللون أو النسب،وفي هذا إقرار للمساواة في الحقوق الإنسانية اللغوية و الثقافية.

lundi 31 mars 2014

التقويم الأمازيغي الدلالات والرموز




الاحتفال برأس السنة الأمازيغية الذي يصادف ليلة 13 جانفي من كل سنة ، تقليد راسخ ليس في الثقافة الشعبية التونسية فحسب ، لكن في ثقافات شعوب شمال أفريقيا من لبيبا إلى الجزائر الى المغرب الى موريطانيا حيث ما يزال سكان هذه المناطق يحيونه بطقوس مختلفة باختلاف التقاليد والعادات.ويعتبر يوم 31 دجمبر أمازيغي الموافق ل 13 جانفي من كل
سنة ميلادية حاليا بالنسبة للأمازيغ تقليد مرتبط بالطبيعة وبالموسم الفلاحي، حيث تشير الطقوس إلى مدى ارتباط الإنسان الأمازيغي القديم بأرضه ومدى اندماجه في الطبيعة من خلال ممارسة بعض التعبيرات التي يرجى منها إبعاد شبح الجوع والتماس أسباب الخير والسعادة التي لا تكون بالنسبة للإنسان الأمازيغي إلا بوفرة المحاصيل، فبداية العام تشكل نهاية وخاتمة للمؤونة الماضية أو العولة وبداية التحضير للمحصول القادم. تاريخيا يعد التقويم الأمازيغي من بين أقدم التقويمات التي استعملها البشر على مر العصور، إذ استعمله الأمازيغ منذ أن اكتشف الزراعة ومارسها في العهد القبصي والذي رافقه اهتمام بالظواهر الطبيعية والفلكية وما تخلفه من تأثيرات على الأرض ويؤكد ذلك المؤرخ الفرنسي غوتييه : بان الأمازيغ لم ينتظروا احدا ليعلمومهم الزراعة ويعتبر 14 جانفي أول يوم في السنة الأمازيغية وهو التاريخ الذي يفصل بين زمنين طبيعيين ، زمن البرد والاعتدال الذي يصادف عادة بداية تجديد الطبيعة لدورتها الحياتية أو ما يعرف بخروج الليالي البيض ودخول الليالي السود حيث خلال الليالي البيض لا تكون التربة صالحة للزراعة ومع دخول الليالي السود تصبح التربة صالحة للبذر ، لهذا يبدأ الناس في تهيئة الحقول ومباشرة الأعمال الفلاحية حيث تجتمع مختلف الاحتفالات التي تصادف هذا اليوم على تمجيد الطبيعة والإكبار من شأنها والتماس الأسباب التي يعتقد أنها تجلب الخير والإنتاج الوفير. ولكن ظل الاحتفال برأس السنة الأمازيغية احتفالا فلاحيا موسميا وحدثا تقليديا مرتبط أساسا بالأرض ولم يرتقي الى مرحلة التأريخ بشكل رسمي الا في سنة 950 ق.م عند انتصار القائد الأمازيغي في معركة حاسمة ضد قائد الفراعنة رمسيس الثاني إذ كان الفراعنة قبل هذا التاريخ ينظمون هجمات متكررة على بلاد الأمازيغ للاستيلاء على أرضهم وخيراتهم ونهب ثرواتهم وهي تعد أول حرب في تاريخ الانسانية يخوضها شعب لتحرير أرضه وحدثا تاريخيا هاما في التاريخ الأمازيغي القديم ثم صعوده الى عرش الحكم الفرعوني وتأسيسه للأسرة الفرعونية الثانية والعشرين فكان ذلك التاريخ بداية الحساب أو التأريخ للتقويم الأمازيغي الذي يبلغ الآن 2964 سنة وتوثق النقوش التاريخية المحفورة على أعمدة معبد ″الكرنك″ في مدينة الأقصر بمصر لهذا النصر العسكري وتتحدث تلك الآثار بالتفصيل...وبالتالي فقد توارث الأمازيغ تقاليد الاحتفال منذ 950 سنة قبل الميلاد بشكل رسمي ومنتظم وأصبحت جزءا من ثقافتهم يتم الاستعداد كل سنة لإحياء هذه المناسبة من خلال القيام بمجموعة من التعبيرات مثل تعليق الأنشطة المنزلية كتنظيف المنزل وأواني الأكل ، ولبس النسوة للباس جديد والتزين لاستقبال العام الجديد، وإعداد وجبات خاصة للمناسبة أشهرها طبق الكسكسي (سكسو) بالخضر ويكون بلحم الدجاج المحلي ويستحضر اللبن ويتم اعداد الغرايف والبيض المسلوق والرفيسة والبركوكش وهذا كله يجب ان يكون جاهزا قبل غروب الشمس.كما يتم فيه غرس أشجار الزيتون ويكون رأس السنة الأمازيغية مناسبة لتبادل الزيارات العائلية وإنهاء الخصومات وإقامة الصلح ومناسبة كذلك للتضامن الاجتماعي عبر تجميع الصدقات وتوزيعها على الفقراء والمحتاجين.وهذه أسماء الأشهر بالأمازيغية التي مازال آبائنا وأمهاتنا يحفظها الى الآن وهي : يناير، فورار، مغريس، برير، ميو، جونيو، يوليو، غشت، شتمبر، كتوبر، نونبر، دجمبر.وفصول السنة، وطول الشهور، عند الأمازيغ هو نفسه في التقويم اليولياني: ثلاث سنوات مكونة من 365 يوما تليها سنة كبيسة مكونة من 366 يوم، والشهر ينقسم إلى 30 أو 31 يوم مع بعض الاختلافات الطفيفة في حسابات شهر فبراير وهذا يؤكده جون سيرفيي (Jean Servier) بأن التقويم الأمازيغي ليس مشتقًا من التقويم اليولياني كما يظن علماء الفلك الغربيين اليوم ، وإنما من التقويم الفلاحي الأمازيغي حيث عندما عزم الرومان على تطوير فلاحتهم لم يروا في التقويم الروماني القمري التقليدي جدوى فما كان على يوليوس قيصر الا الاقتداء بالتقويم الفلاحي الأمازيغي وبالحساب الشمسي واستعان في ذلك بعالم الفلك الأمازيغي أو الليبي حسب التسمية القديمة سوسينغ (سوسينغيوس كما يسميه الرومان) ثم أضفى عليه فيما بعد البابا غريغوريوس بعض التعديلات وبالتالي تصح تسميته بالتقويم الأمازيغي-الغريغوري وهو نفسه المعتمد حاليا كما يؤكد كذلك إيدمون دوتي الباحث الفرنسي:بأن التقويم الامازيغي إلى عهد قريب كان هو السائد في اليونان، رغم أن المصادر الأوروبية التي وقفت عليها حاليا لم تشر إلى ذلك كما جرت هي العادة عند الاوربيين الذين يتجاهلون فضائل الثقافات الأخرى عليهم لطبيعتهم العنصرية محاولة منهم بالتفرد بالاكتشافات والانجازات العلمية للشعوب الأخرى.


اللغة الأمازيغية في تونس ضحية اهمال السياسيين



من أهم القضايا الوطنية الهامة التي أهملتها حكومة الاستقلال بقيادة الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة وبعده الرئيس زين العابدين بن علي هي قضية اللغة الأمازيغية وهي أخت اللغة العربية في الوطن كما يقول العلامة الشيخ الابراهيمي،ولكنهم غرقوا في الحديث عن الوحدة الوطنية وبناء الدولة وتحديث المجتمع التونسي باحداث ثورة على العادات والتقاليد بل لنقل على الموروث التونسي الأمازيغي الأصيل فتفككت الروابط الاجتماعية التقليدية ووقع التخلي عن نمط معيشي في القيم والمفاهيم ولكن لم يكن يراعي الخصوصية الحضارية لتونس والتي تعد الأمازيغية عمودها الفقري في رسم هويتها الوطنية وربما وقع الخلط بين الموروث القديم الوافد من الشرق والذي لا يمت لنا بصلة حيث مثل عائقا للتحديث والعصرنة وبين ثوابت الشخصية التونسية المتجذرة فيه أب عن جد وأول هذه الثوابت اللغة الأمازيغية التي وقع اعتبارها من القديم الذي سيعيق عملية تحديث المجتمع التونسي ووقع الاكتفاء باللغة العربية التي تستمد وجودها من الدين الاسلامي وان لم نبالغ فلها شرعية الهية حسب البعض مع اللغة الفرنسية كلغة علم وتكنولوجيا ولا مكان بالتالي للغة الأمازيغية وفق هذه المعطيات، لكن كان من المفروض أن نحتاط لمضاعفات هذه السياسة المتسرعة والتي اختزلت الوقت في عملية البناء الوطني حققت نجاحات في مستويات عدة لا أحد ينكرها أو يتجاهلها أو يتطاول عليها فهي مكتسبات وطنية ثابتة لكن لا ننكر أننا نعيش اليوم مخلفات سلبية ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا لما وقع التغاضي عنه وعدم التعامل معه بمسؤولية ألا وهو البعد الأمازيغي واللغة الأمازيغية بالأساس،ولا نتخذ من اهمال اللغة الأمازيغية سببا مباشرا لحماية اللغة العربية لأنّ الأمازيغ هم من حمى اللغة العربية والاسلام،فكل قرية تتوفر على زاوية تدرس فيها اللغة العربية وأصول الفقه،ولا أحد ينكر أن معظم المدن والقرى ذات الكثافة السكانية الناطقة باللغة الأمازيغية كانت قبلة لدارسي العربية ووتعاليم الإسلام، ولهذا أعتقد أن معالجة قضية اللغة الأمازيغية منذ أكثر من نصف قرن في تونس بعد الاستقلال لم تكن معالجة سليمة بل كانت محاولة لاحتوائها واستيعابها ومن ثم تذويبها واندثارها تدريجيا أو تهجينها وفقدانها لمميزاتها النحوية والصرفية الأمازيغية وهذا سبب حدوث كل تلك المشاكل المرتبطة بالبعد الأمازيغي على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والسياسي في تونس تظهر يوما بعد يوم في زمن العولمة الجارف لكل الخصوصيات الصامدة
.

الكاف عاصمة مملكة نوميديا

أكبر أكذوبة في تاريخ شمال افريقيا وأكبر عملية تزوير ممنهجة شارك فيها أعداء الأمازيغية من الداخل والخارج هي ما يخص الحضارة النوميدية ومملكة نوميديا العظيمة حيث تم التسويق لأكبر مغالطة بأن مملكة نوميديا قامت في ما يعرف اليوم بالجزائر فقط وعاصمتها سيرتا أي قسنطينة حاليا وامتدت قليلا الى الشرق أو الشمال الغربي التونسي حاليا لاظهار أن تونس لا تمت بصلة لنوميديا وهي امتداد لجلد الثور الأسطوري لكن الحقيقة أن مملكة نوميديا قامت في الشمال الغربي التونسي حاليا وكانت عاصمتها سيرتا مدينة الكاف حاليا وامتدت شرقا الى حدود بنزرت وزغوان حاليا وامتدت جنوبا من صفاقس حاليا الى طرابلس وكامل الغرب الليبي حاليا وامتدت غربا الى طنجة حاليا كما امتدت جنوبا حتى الصحراء الكبرى وهو ما يبين لنا أن أكثر من 75% من مساحة البلاد التونسية حاليا هي مجال نوميدي تحت تصرف النوميديين وسلطتهم وحتى العاصمة النوميدية كانت في تونس الكاف حاليا وهذا ما يؤكده أندري شارل جوليان أن الفينيقيون استعمروا قرابة 25 % من التراب التونسي وأسسوا مدينة قرطاج وبعض المواني التجارية على السواحل فقط.فمن يقف وراء هذه المغالطات الخطيرة والتلاعب بالتاريخ وتزويره خاصة ونحن نسمعها ونقرؤها من جهات رسمية سوى في تونس أو الجزائر؟

أصل تسمية تونس

 أصل تسمية تونس التي كثرت تفسيراتها والتلاعب بها عن قصد أو عن غير قصد
تونس لفظ أمازيغي محرف بعض الشيء من اللفظ الأصلي تناس tunès في اللغة الأمازيغية القديمة(اللوبية)والتي تعني المبيت من فعل أنس الذي يعني بات أو قضى الليل وتنس مؤنثة والى اليوم نقول في الدارجة المباتة مؤنثة ولا نقول المبيت وفاء للقاعدة اللغوية الأمازيغية وتوجد عديد المدن على سواحل شمال افريقيا من تونس حتى الجزائر وهي كلها قرى سكنية للايواء من بير بورقبة بالوطن القبلي الى تونس حاليا الى راس الجبل الى الكالة بالجزائر وصولا الى تيناس حاليا بالساحل الغربي الجزائري وهو دليل على أن أجدادنا الأمازيغ مارسوا السياحة منذ القدم حيث كانوا يستغلون السواحل للايواء وقضاء الليل بمقابل مثل ما كان ذلك مع الفينيقيين وغيرهم ممن يعبر البحر المتوسط وبالتالي لا علاقة لتسمية تونس بالمفتاح الذي يسمى في اللغة الأمازيغية تاساروت tassarut وهي تسمية استعمارية يريد ترسيخها البعض بخبث لربط تاريخ تونس ضمنيا بالغزاة والمستعمرين بمعنى أن الوافد فتح واستوطن بشمال افريقيا من تونس.