كان شمال افريقيا اقليم
المفارقات ولازال التساؤل المستمر عن مضمون ميراثه التاريخي ونزوعه نحو
الانقسامية تارة والالتحامية تارة اخرى وعن مدى اعتبار هذا الميراث
التاريخي مولدا لمجتمع واحد متجانس ومتماسك وبالتالي مجالا لتاسيس وحدة
اقليمية مستقلة ذات سيادة.
لقد عرف شمال افريقيا القديم وبشكل دائم اضافة الى مناطق خاضعة للحكم المركزي والى اخرى وسيطة تسكنها قبائل مخضعة مناطق تسكنها قبائل دائمة التمرد كانت تشكل تهديدا مباشرا للحكم المركزي وتصل الى حد الاستيلاء على الدولة وبناء دولة اخرى بديلا عنها.وقد بالغ كثيرا الاستعمار الغربي في بناء نظرية الانصاف الشهيرة التي تعتبر ان النظام الاجتماعي الامازيغي كان يقوم اساسا على ماسسة التضاد بين وحداته الاجتماعية القبائل الامازيغية التي تبقى في حالة صراع دائم بحيث ينفي بعضها البعض الاخر بواسطة لعبة الاحلاف ولا شك ان ترويج هذه النظرية يؤدي الى نفي وجود دولة وبالتالي يرمي الى تبرير احتلال شمال افريقيا بلاد الامازيغ واستعمارها بحجة القضاء على الفوضى فيها ووضع حد للصراعات فيما بينها وهو نفس الدور الذي اضطلعت به حكومات الاستقلال في شمال افريقيا وفق هذه النظرية لتبرير القمع والاستبداد والانفراد بالحكم خدمة لصالح الاستعمار.
ولكن من الملفت والمهم جدا اعتماد التفسير الذي اعطاه الدكتور عبد الباقي الهرماسي لمسالة ظهور المركز السياسي ومفاده انه بالرغم من الانقسامية السياسية ووجود وحدات اجتماعية مستقلة وهي القبائل فان ذلك لم يكن يتعارض مع النزوع نحو مركزة الحكم والتضامن بفعل الاخطار الخارجية والوقوف على ارضية معيارية واحدة تجاه العدو الخارجي للتلاقي في شكل تكاملي حول وحدة اجتماعية لمختلف المجموعات قبائل او كنفيدراليات.
الا انه من الثابت ايضا ان شمال افريقيا كان يشهد حركات انقسامية-التحامية تؤدي الى انفصال بعض القبائل عن السلطة المركزية والتحامها مجددا فيما بينها لتنشئ دولة جديدة كدولة المرابطين مثلا او دولة الموحدين او دولة الحفصيين وهذا ما عرفته الخلافة الاموية ولم تنج منه الدولة العباسية بعد قرن من تاسيسها في بداية مرحلة ضعفها حيث اخذت الدول المستقلة تظهر في بلاد المغرب حول قبيلة معينة تلعب دورا مهما في قيام الدولة نظرا لدرجة التحامها العالية ثم لا تلبث هذه القبيلة ان تنهار وتنجح قبيلة اخرى تتوفر لها ذات المميزات في القضاء على الدولة وتاسيس دولة جديدة ذات سلطة مركزية.
وهي الحقيقة كما يؤكدها الدكتور سعد الدين ابراهيم ان الانقسامية والالتحامية لا يفارقان الحركية الاجتماعية في شمال افريقيا وليس الانقسامية وحدها كانتا وجهين متلازمين للوجود الاجتماعي الامازيغي.وكان التفاعل بين عوامل الانقسام والالتحام يمثل جدلية العلاقة بين السلطة السياسية والمجتمع أو بمفاهيمنا العصرية بين السلطة السياسية والمعارضة من احزاب ومنظمات وجمعيات اي بين السلطة والمجتمع المدني في صيغته الحديثة.
ان جميع الحركات الانقسامية والالتحامية التي ظهرت بشمال افريقيا عبر التاريخ دائما ما اعتبرت نفسها كما اعتبرها الاهالي مجرد حركات داخلية أو أهلية أصيلة ولم تكن في ذهن معاصريها بأجنبية ولا دخيلة أو متطفلة وهي ظرفية حتمية لكل منطقة يحتد فيها التنافس الداخلي الذي غالبا ما تقوده دوافع سياسية واقتصادية تقف وراء كل عمل وحدوي وتحركه من الداخل وتدفع به الى الصراع من أجل البقاء والاستمرار والتطور بل هي عامل صحي يدل على النضج السياسي للمجتمع الامازيغي وجنوحه دائما نحو التغيير لا القبول بالاستبداد والتملك وهي علاقة بين السلطة والمجتمع تمثل خصوصية شمال افريقيا فكانت عامل انكسار للغزاة والمستعمرين المتجبرين أعداء الديمقراطية والحرية والتغيير.
لقد عرف شمال افريقيا القديم وبشكل دائم اضافة الى مناطق خاضعة للحكم المركزي والى اخرى وسيطة تسكنها قبائل مخضعة مناطق تسكنها قبائل دائمة التمرد كانت تشكل تهديدا مباشرا للحكم المركزي وتصل الى حد الاستيلاء على الدولة وبناء دولة اخرى بديلا عنها.وقد بالغ كثيرا الاستعمار الغربي في بناء نظرية الانصاف الشهيرة التي تعتبر ان النظام الاجتماعي الامازيغي كان يقوم اساسا على ماسسة التضاد بين وحداته الاجتماعية القبائل الامازيغية التي تبقى في حالة صراع دائم بحيث ينفي بعضها البعض الاخر بواسطة لعبة الاحلاف ولا شك ان ترويج هذه النظرية يؤدي الى نفي وجود دولة وبالتالي يرمي الى تبرير احتلال شمال افريقيا بلاد الامازيغ واستعمارها بحجة القضاء على الفوضى فيها ووضع حد للصراعات فيما بينها وهو نفس الدور الذي اضطلعت به حكومات الاستقلال في شمال افريقيا وفق هذه النظرية لتبرير القمع والاستبداد والانفراد بالحكم خدمة لصالح الاستعمار.
ولكن من الملفت والمهم جدا اعتماد التفسير الذي اعطاه الدكتور عبد الباقي الهرماسي لمسالة ظهور المركز السياسي ومفاده انه بالرغم من الانقسامية السياسية ووجود وحدات اجتماعية مستقلة وهي القبائل فان ذلك لم يكن يتعارض مع النزوع نحو مركزة الحكم والتضامن بفعل الاخطار الخارجية والوقوف على ارضية معيارية واحدة تجاه العدو الخارجي للتلاقي في شكل تكاملي حول وحدة اجتماعية لمختلف المجموعات قبائل او كنفيدراليات.
الا انه من الثابت ايضا ان شمال افريقيا كان يشهد حركات انقسامية-التحامية تؤدي الى انفصال بعض القبائل عن السلطة المركزية والتحامها مجددا فيما بينها لتنشئ دولة جديدة كدولة المرابطين مثلا او دولة الموحدين او دولة الحفصيين وهذا ما عرفته الخلافة الاموية ولم تنج منه الدولة العباسية بعد قرن من تاسيسها في بداية مرحلة ضعفها حيث اخذت الدول المستقلة تظهر في بلاد المغرب حول قبيلة معينة تلعب دورا مهما في قيام الدولة نظرا لدرجة التحامها العالية ثم لا تلبث هذه القبيلة ان تنهار وتنجح قبيلة اخرى تتوفر لها ذات المميزات في القضاء على الدولة وتاسيس دولة جديدة ذات سلطة مركزية.
وهي الحقيقة كما يؤكدها الدكتور سعد الدين ابراهيم ان الانقسامية والالتحامية لا يفارقان الحركية الاجتماعية في شمال افريقيا وليس الانقسامية وحدها كانتا وجهين متلازمين للوجود الاجتماعي الامازيغي.وكان التفاعل بين عوامل الانقسام والالتحام يمثل جدلية العلاقة بين السلطة السياسية والمجتمع أو بمفاهيمنا العصرية بين السلطة السياسية والمعارضة من احزاب ومنظمات وجمعيات اي بين السلطة والمجتمع المدني في صيغته الحديثة.
ان جميع الحركات الانقسامية والالتحامية التي ظهرت بشمال افريقيا عبر التاريخ دائما ما اعتبرت نفسها كما اعتبرها الاهالي مجرد حركات داخلية أو أهلية أصيلة ولم تكن في ذهن معاصريها بأجنبية ولا دخيلة أو متطفلة وهي ظرفية حتمية لكل منطقة يحتد فيها التنافس الداخلي الذي غالبا ما تقوده دوافع سياسية واقتصادية تقف وراء كل عمل وحدوي وتحركه من الداخل وتدفع به الى الصراع من أجل البقاء والاستمرار والتطور بل هي عامل صحي يدل على النضج السياسي للمجتمع الامازيغي وجنوحه دائما نحو التغيير لا القبول بالاستبداد والتملك وهي علاقة بين السلطة والمجتمع تمثل خصوصية شمال افريقيا فكانت عامل انكسار للغزاة والمستعمرين المتجبرين أعداء الديمقراطية والحرية والتغيير.