vendredi 22 août 2014

الاختلاف في الاسلام؟

لقد نزل القرآن الكريم بلسان عربي ولا أحد يجادل في ذلك حيث بكل بساطة أن الذي اختير لحمل الرسالة السماوية عربي اللسان. كما أن الرسالات السماوية الأخرى أتت بلغات أخرى مراعاة للمخاطب أي حامل الرسالة. اضافة الى أن اللغة العربية ليست اللغة الوحيدة التي حملت رسالة سماوية فاللغة الأمازيغية ساهمت في نشر تعاليم الدين الاسلامي في كل من الأندلس والصحراء الافريقية و هذا لا يعني أيضا أن المسلم لا يصح إسلامه إلا بهذه اللغة أي لغة النزول.لأن هدف هذه الرسالات كلها في نهاية المطاف هو بناء إنسان صالح و ذلك بغرس القيم و الأخلاق و التعاليم الدينية التي تحملها هذه الرسالات.و على هذا الأساس،فإن هذه القيم يمكن تبليغها بأي لغة و الكل يدرك و يعي أن إسلام الشخص يصبح واقعا بإعلانه عن الشهادتين، لأن إسلامه لا يتطلب لغة، لكن الحسب علماء الإسلام الشهادة تتطلب النطق باللغة العربية ولو يكون ذلك بشكل متلعثم. و الله تعالى يقول : يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْر/ سورة البقرة?: الآية185َ
حيث ينص القرآن الكريم في العديد من آياته المحكمات على أن الحكمة الإلهية اقتضت أن يختلف الناس في كل شيء كما يدعو إلى الإعتصام بحبل الله. يقول تعالى : وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ/الآية 103 من سورة آل عمران
كما أن الاختلاف يتجلى في الرأي و اللغة و الثقافة وفي شتى الميادين كما نجد أيضا الاختلاف قائما منذ وجود الإنسان إلى يومنا هذا. فقد اختلف المسلمون في أزهى عصور الإسلام اختلافا شديدا ، و أول اختلاف تزامن مع وفاة النبي عليه الصلاة و السلام مباشرة، بين المهاجرين و الأنصار. حيث يقول تعالى:وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ/سورة هود آية رقم 118. لذا شاء الله ألا يكون الناس أمة واحدة ، فكان من مقتضى هذا أن يكونوا مختلفين. و قوله تعالى :يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير/ سورة الحجرات الآية 13 لذا فالغاية من هذا الاختلاف كله ليس التناحر و الخصام و إنما هي التعارف و الوئام.
أيضا نجد قوله تعالى : وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ/ سورة الروم: الآية22 .
ويظهر من خلال هذه الآية الكريمة أن الحكمة الإلهية اقتضت أن يخلق الناس مختلفين لكل منهم طريق يسلكه و منهج يتبعه و لكل منهم لغة وثقافة معينة ، فلو شاء الله لجعل الناس أمة واحدة و لجمعهم على لسان واحد و وحيد كما في الآية السالفة، لأنه لا طعم للحياة لو كانت قائمة على الائتلاف و عدم الاختلاف ، لذا فحكمته تعالى قضت أن يكون التنوع في كل ما خلق و ما يؤكد أكثر أن القرآن مع التعدد و الإختلاف ورود مجموعة من الألفاظ الفارسية و الهندية والنبطية والاغريقية والأمازيغية في القرآن الكريم.
ووقف عند آيات قرآنية واعتبر بعض الألفاظ أمازيغية،وأرجع ذلك إلى الاختلاط اللغوي بين العربية واللغات الأخرى التي عاصرتها وامتزجت بها وأورد مصطلحات مثل، المهل والأب وآنية وقنطار: في قوله تعالى : وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا». وقوله تعالى : «و فاكهة و أب». وقوله تعالى : «من عين آنية.» وقوله تعالى : «إلا أن يوذن لكم إلى طعام غير ناظرين إنا» وقوله تعالى: « زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ.
وكذلك بالسنة النبوية باعتبارها المصدر الثاني للعقيدة الإسلامية بعد القرآن الكريم،يتضح أن معظم  الأحاديث النبوية التي صدرت عن الرسول صلى الله عليه و سلم في ما يخص التعدد اللغوي و الثقافي كانت خير دليل. يقول النبي عليه الصلاة و السلام: «ما من أحد إلا و سيكلمه ربه ليس بينه و بينه ترجمان».
و قال أيضا : «يا أيها الناس إن ربكم واحد و إن أباكم واحد و إن دينكم و احد و أن العربية ليست لكم أما و أبا ، كلكم لآدم و آدم من تراب، لا فضل لأحد إلا بتقوى الله». كما نجده في خطبته صلى الله عليه و سلم المشهورة يقول : «أيها الناس ألا إن ربكم واحد و أن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي و لا لعجمي على عربي، و لا أسود على أحمر و لا أحمر على أسود إلا بالتقوى» . وبذلك يتبين أن أحاديث كثيرة كلها تدل على أن معيار و مقياس التفاضل بين الناس عند الله سبحانه و تعالى هو التقوى و ليس اللسان أو اللون أو النسب،وفي هذا إقرار للمساواة في الحقوق الإنسانية اللغوية و الثقافية.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire