ايمازيغن وتعني الأحرار و النبلاء و هي
جمع لكلمة مازيغ التي تعني الحر و النبيل . أما مؤنث الكلمة فمو تمازيغت و
هي كلمة تطلق على المرأة و على اللغة وجمعها تيمازيغن.
الشعب الأمازيغي هو الساكن الأصلي لشمال إفريقيا ، الممتدة
من غرب مصر واحة سيوا إلى جزر الكناري جنوب إسبانيا ، ومن حدود جنوب البحر
الأبيض المتوسط إلى أعماق الصحراء الكبرى في النيجر ومالي.
يتحدث الشعب الأمازيغي اللغة الأمازيغية (و ليس بلهجة مهددة بالإنقراض كما
تذكر في بعض القرى كما جاء في بعض الدراسات العربية و لا سيما البحث الذي
نشر في موقع الجزيرة وثائقية ) . اللغة الأمازيغية تتميز بتنوع لهجاتها مثل
تاريفيت، تاشلحيت، تاقبايليت ،تاشاويت،تنفوسيت وتامشاقت(ايموهاق) و
غيرها.و تجدر الإشارة هنا انه رغم تنوع االلهجات الامازيغية إلا أن تمازيغت
(اللغة) متحدة فيما بينها بشكل كامل في ما يخص قواعد اللغة والصرف والنحو
والاشتقاق. وتنحصر الاختلافات في المعجم (حيث تستعمل مترادفات لها نفس
المعنى) وبعض الاختلافات الطفيفة في التنغيم والنطق الذي يختلف بين أمازيغ
الجبل و الساحل و الصحراء .
تسمى الأبجدية الأمازيغية بتيفيناغ وتعني كتابتنا في الأمازيغية و هي من
أقدم الأبجديات التي عرفها تاريخ الإنسانية منذ القدم و لا يقل عمرها عن
عشرة ألاف سنة ، و لاتزال نقوشها الأولية متواجدة في الكهوف و المغاور أو
ما يعرف بالحوانت ،في المعابد و في القصور الأمازيغية في تونس و ليبيا و
الجزائر و المغرب.
وجدت كتابات عند المصريين القدامى تحديدا في عهد رامسيس الثالث مطلقين
عليهم إسم "ماشوش" .و يذكر ان المصرين القدماء كانوا على علاقة مباشرة مع
الشعب الأمازيغي من خلال الحرب أو من خلال السلم . و تذكر النصوص الفرعونية
أحداثا تاريخية هامة عن الشعب الأمازيغي و على الخصوص محاولة غزو قبائل
الليبو (اللوبيون) نهر الدلتا بقيادة مرياي في السنة الثانية من حكم منتباخ
في 1227 قبل الميلاد ، و قد إحتوت الصور الهيروغليفية معلومات دقيقة ذات
أهمية تاريخية و إثنو غرافية فضلا عن ملامح و أدوات و سلاح و حتى الوشم
الذي كان يحمله اللوبيين .
كما ذكر المؤرخ اليوناني هيكاتيوس الشعب الامازيغي في القرن السادس قبل
الميلاد بإسم" مازيس" كما تحدث عنهم هيرودوتس في القرن الخامس قبل الميلاد
ب"الماكسيس ". أما المؤرخون اللاتينيون فقد أوردوا إسم الشعب الأمازيغي
بإسم مازيكس، كما سمي هذا الشعب باللوبيون والنوميديون والجيتوليون و
القرامنتيون والموريون.
تاريخ الشعب الأمازيغي
تميز
التاريخ الأمازيغي بالممانعة و المقاومة وبالحروب التي تدون بين الشعب
الأمازيغي و بين الإمبراطوريات التي عاصرها بسبب دفاعه على أرضه حتى قيل أن
"تمازغا (بلاد الأمازيغ) مقبرة الغزاة . و يعود ذلك لسببين أولا أنه نشأ
على ضفاف الضفة الشرقية للمتوسط حضارات غنية و مزدهرة فبادرت شعوبها
للانتشار خارج معاقلها مستفدين بسلاحهم و بتجارتهم و عتادهم ، ثانيا أنه
إذا بادرت تلك الشعوب في الإنتشار يختار الشعب الأمازيغي موقف التصدي
والدفاع على أراضيه و لا يبادر في التوسع مثلهم .
حارب الشعب الأمازيغي أقوى دول العالم القديم و لكنه في نفس الوقت تفاعل
معها إجابيا بل لقد لعبت تلك القوى دورا فعالا في تاريخه فتواصل معها
ثقافيا وعسكريا وتعتبر قرطاج نموذجا للتفاعل بين الأمازيغ والفينيقيين ،حيث
قدمت الى شمال افريقيا (بالتحديد تونس حاليا) مجموعة من التجار الفينيق
ارسوا سفنهم على الشواطىء واستقروا في مدن ساحلية مقابل دفع أتاوة الى
المملكة الأمازيغية الماسيلية،و أسسوا مدينة قرطاج في 814 ق م و لم تتوتر
العلاقات بينهما سوى في ثورة ماطوس 241 قبل الميلاد التي قامت عندما أرادت
الفينيقيين التوسع على حساب المزارع الامازيغية والدخول في اليابسة(بمعنى
تخليهم عن دورهم في التجارة و إعلانهم عن رغبتهم في التوسع في المنطقة) . و
يذكر أن الشعب الامازيغي طوق قرطاج في 396 ق الميلاد و إستمرت المواجهات
بينهما لسنوات وسميت هطه الحرب بالحرب التي لا تغتفر.
و شاركت الجيوش الأمازيغية قرطاج حربها ضد الرومان حيث قام القائد
الامازيغي حنبعل بإنتصاراته الشهيرة في شبه الجزيرة الإيطالية بفضل الجيش
الأمازيغي اللوبي الذي كان يقوده و هذا ما ذكره المؤرخ الروماني تيتوس
ليفيوس :"إن سيوف النوميديون هي التي فصلت الفصل النهائي في معركة كنايا ".
لكن معاهدة الصلح لم تقتلع الحقد الذي في قلب الشعب الامازيغي على قرطاج و
الفينيقيين وزادت روما في تأجيج هذه الاحقاد من خلال دعمها للقائد
الماسيلي ماسينيسان الذي هزم حنبعل في معركة زاما 202 قبل الميلاد كما أطاح
بسيفاكس الماسيسيلي حاكم قرطاج لأنه يؤمن بمبدأ إفرقيا للأفارقة ولا سواه ،
و لا يعترف بولاء إلا لأرضه التي تحالف لإسترجاعها مع الرومان و حكمها من
205 إلى 145 قبل ميلاد . سمي مسينيسان بأكليد (يعني القائد الملك) و كان
أول حاكم أمازيغي يلبس الصولجان و يحمل التاج و يضرب عملة بإسمه في العاصمة
كيرطا (قسنطينة بالجزائر حاليا) و تميز أيظا بحفاظه على تماسك مملكته و
أنشأ أسطولا بحريا ضخما و أسطولا تجاريا و شجع على قدوم اليونانيين إلى
بلاده و كان يستضيف الفنانين الاغريق في كيرطا جاعلا منها مدينة ثقافية
راقية تعج بالموسيقى و بالفن و بالشعر .
و يذكر أن قرطاج الرومانية كانت أقوى مدينة بعد روما عاصمة الرومان، فنبغ
الأمازيغ في جامعتها ونذكر منهم القديس أوغسطين الذي ساهم في الفكر
اللاهوتي المسيحي و القديس سيبيريان ، والمؤرخ ترتوليان و الروائي النابغة
أبوليوس الذي كتب أول رواية في تاريخ الإنسانية .
و لعب الشعب الأمازيغي أيضا دورا فعالا في المؤسسات السياسية فتميز
الأمازيغيون بقوتهم في الجيش الروماني حتى أن ثلاثة قياصرة رومان كانوا من
أصل أمازيغي وهم سبتيموس سيفاريوس وابنه كركلا وقريبه ماكرينوس ، كما تميز
الأمازيغ أيضا في الجيش القرطاجي و يذكر إلى الآن نبوغ القائد حنبعل في
الحروب البونيقية التي دارت بين الامازيغ و القرطاجيون .
لكن الود يبن روما و قرطاج لم يستمر كثيرا .. لأن القائد يوغرطين كان يسير
على نهج جده مسينيسان و حارب الرومان لأنهم أرادو بسط نفوذهم في تامزغا في
112 قبل الميلاد . و قد تميز يوغرطين بشجاعته و ببسالته فلقد كان من أكثر
من تصدوا لسياسة روما التوسعية و في حربه مع الرومان كان يقول : مدينة روما
تباع فمن يشتريها ؟ (عارضا روما للبيع في 105 قبل الميلاد) .. وقال أيضا :
يا روما أنت هالكة لو تجيدن مشتريا " و أرَخ لصموده و لشجاعته المؤخ
اللاتيني سالوستيوس .
خضع الشعب الأمازيغي للإحتلال الأموي العربي بعد حروب طويلة وطاحنة تزيد
عن النصف قرن قاتلت فيها حاكمة الشعب الأمازيغي الملكة تيهيا القائد العربي
حسان ابن النعمان ، و هزم فيها القائد الأمازيغي أكسيل القائد العربي عقبة
ابن نافع . و تجدر الإشارة هنا أن العرب سموا الملكة الأمازيغية بالكاهنة
لما رأوه فيها من حكم و سدادة في الرأي و مشاركة في القرار السياسي فالقوا
عليها إسم الكاهنة ورسموا أساطير خرافية حولها و حول النساء الأمازيغيات
اللواتي كان يطلع على بعضهن إسم تمغارت أي الكبيرة أو القديرة أو الشيخة
تأتي هذه التسمية لأنها عضوة في إمغارن و هو مجلس شيوخ القبائل الذي تشارك
فيه النساء كعضوات و كقائدات.
وتميزت فترة الحكم الإسلامي في شمال إفرقيا بالتوتر لما عرفه الشعب
الأمازيغي من مظالم و قهر على يد الولاة العرب الذيين كان همهم سوى ملئ
خزائن الخليفة بالمال عن طريق فرض الجبايات و إتخاذ سياسة الخمس أي سلب
الارض من المزارع الامازيغي و جلعه يعمل عليه و إجباره على الحصول على
الخمس من الارباح كما تميز حكم الولاى بالبطبش و عليه كانت الثورات مستمرة
بينهم و بين الشعب الامازيغي لان الملوك العرب لم يحكموا بمثل ما جاء في
كتاب الله العزيز بل كانوا جائرين مهووسين بجمع السبايا و أخذ الأموال وجمع
الغنائم.
تفاعل الشعب الأمازيغي مع العرب وساعدوهم في بعض الغزوات حتى أن طارق ابن
زياد كان أمازيغيا، وهو القائد الذي فتح الأندلس مع جيشه الامازيغي في وقت
زمني أكسبه شهرة عالمية حتى أن مضيق جبل طارق قد سمي نسبة إليه، بل أن
الأندلس على الرغم من أنها قد خضعت لغير الأمازيغ كانت قد عرفت بالحضارة
المورية كأسم للحضارة الإسلامية في الأندلس، والمور هو أحد أسماء الأمازيغ.
كما نبغ الشعب الأمازيغي في الفكر و العلوم و في اللغة وكان إبن منظور
(آيت أمندور) صاحب كتاب لسان العرب أمازيغيا و من جهة قفصة تونس حاليا، إبن
خلدون (آيت أخلدون) مؤسس علم الإجتماع ، و الفيلسوف إبن رشد ، الرحالة إبن
بطوطة وغيرهم .
تقويم الشعب الأمازيغي
يحتفل
الشعب الأمازيغي برأس السنة الأمازيغية التي توافق اليوم الثالث عشر من
السنة الميلادية و يعود هذا التقويم لذكرى صعود شيشنغ على سد حكم الفراعنة
في 950 قبل الميلاد . و كان القائد شيشنغ هو من أسس الأسرة المصرية الثانية
والعشرين الحاكمة و تسنى له ذلك من خلال ترقيته في مناصب الدولة المصرية
الفرعونية، ذلك لأن المصريين القدماء قد إعتمدوا على الأمازيغيين بشكل كبير
في جيش دولتهم خاصة منذ عهد الأسرة الثانية والعشرين. و يقال أن شيشنغ غزى
أورشليم و هدم هيكل سليمان و إصطحب معه الذهب والمجوهرات لعرشه في الأقصر.
ديانات الشعب الأمازيغي
إعتنق
الشعب الأمازيغي كل الديانات التوحيدية ، اليهودية و الإسلام و المسيحية .
كما أنه كان يعبد الأرباب و يشارك الحضارات التي تزامنت معه (الاغريق و
الفراعنة ) في الأساطير و في الرموز مثل أطلس ملهم الميثولوجيا الامازيغية و
الإغريقية ، فأطلس هو أحد عمالقة العالم القديم و كان يشتهر بحمله قبة
السماء على رأسه لأنه إقتحم الجبل الأولمبي فعاقبه الإلاه زيوس بحمل قبة
السماء على رأسه حسب ما رواه هيرودتس . أما الأمازيغ فهم يعتقدون أن أطلس
كائن شديد العلو بحيث لا يرى جزؤه العلوي من الرأس سواء صيفا أو شتاء وتذكر
الأسطورة أيضا أن أطلس تحول إلى سلسلة جبال الأطلس (سلسلة جبال الأطلس في
المغرب ، كما ينسب لهذا الإله المحيط الأطلسي).
و الإله آمون أو آمان و هو رب الرياح المصري الأمازيغي و يقال أن إسمه
مشتق من كلمة آمان الامازيغية التي تعني الماء و الذي هو رمز الأمان عند
الشعب الأمازيغي و لاسيما أمازيغ واحة سيوا التي كانت تسمى بواحة "آمون"
وفي تلك الواحة تمت مباركة الأسكندر الأكبر الذي قطع بأثقاله و عتاده مسافة
ستة مئة كيلومترا وليعلن نفسه ابنا للإله لآمون هناك و تلك الحادثة كان
لها صيتا في العهد القديم حتى أن الشاعر أمية إبن أبي الصلت قال :
بلغ المشارق و المغارب يبتغي أسباب أمر من حكيم مرشد ،
فأتى مغيب الشمس عند مآبها ..في عين ذي خلب و ثأط حرمد
و الهة تانيت أو تانيث و هي ربة الخصوبة و حامية مدينة قرطاج وهي ربة
أمازيغية الأصل عبدها القرطاجيون كأعظم ربات قرطاج وجعلوها رفيقة لكبير
ألههم بعل، كما عبدها المصريون القدماء كأحد أعظم رباتهم وقد عرفت عندهم
باسم نيت، ويؤكد أصلها الأمازيغي (الليبي) ما أشار أليه الأستاذ مصطفى
بازمة من أن معظم مؤرخي مصر الفرعونية أشاروا إلى أنها معبودة أمازيغية
استقرت في غرب الدلتا. و لهذه الربة تأثير في تامزغا.ويرجح المؤرخون أن هذه
الربة قد عبدت في تونس الحالية حول بحيرة تريتونيس حيث ولدت وحيث مارس
الأمازيغ طقوسا عسكرية أنثوية تمجيدا لهذه الربة .
بيبليوغرافيا :
الأمازيغ عبر التاريخ ، نظرة موجزة في الاصول و الهوية للدكتور العربي عقون
ثلاثة و ثلاثين قرنا من تاريخ الأمازيغين للدكتور إبراهيم ملولي
معجم إماوال الامازيغي العربي للدكتور محمد شفيق